فأنتم المتشككون في كيان الرسل والرسالات عليكم لزاما فطريا وعقليا ان تسألوا اهل الذكر ، المحشورين بهذه الرسالات ، فأهل البيت أدرى بما في البيت ، واهل الوحي ـ رسلا وأئمة ومؤمنين به ـ هم أدرى بكيانات الوحي والموحى إليهم ، فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ، فأهل الذكر (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) حيث يتذكرون بهما طبيعة الرسالات هم أدرى بها وأحرى ان يسألوا ممن لا ذكر له بهما إذ ليس من أهلها كالمشركين والملحدين.
(فَسْئَلُوا ... إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فحين يكون الإنسان ممن يعلم ، او بامكانه ان يعلم دون مراجعة الى من يعلم ، فلا سئوال إذا ممن يعلم ، فأنتم الناكرون لرجولة الرسالات لو تعلمون شريطة الرجولة والمسانخة بين الرسل والمرسل إليهم فهو الحجة عليكم ، وإذ لا تعلمون فاسألوا الذين هم يعلمون ، ولا حجة لكم ثالثة في ذلك الحقل انكم تعلمون شريطة اختلاف الجنس بين الرسل والمرسل إليهم ، فان كانت ولن فاتونا بسلطان مبين او علم يقين!.
هنا مورد الآية هو السئوال عن نوعية الرسالات ، وقد يكفي للجواب عن هذا السئوال «اهل الذكر بالبينات والزبر» وهم كافة اهل الكتاب ولا سيما علماءهم أيا كانوا ، فان الشرعة الكتابية ذكر لهم بالغ دون ريبة ان طبيعة الرسالات الإلهية بشرية في رجال كسائر البشر ، إلّا انه يوحى إليهم.
ثم السئوال عن المهام الحيوية والجواب عنها لا يفرضها ـ فقط ـ وحي الله ، حيث الفطرة والعقلية المتكاملة الانسانية فطريا ، هما الحاكمان بفرضهما قبل حاكم الوحي.
ومن ثم «فاسألوا» وفي نطاق عام يتخطى ذلك السئوال من هؤلاء المشركين ، الى كل سئوال في اي زمان او مكان ، من اي انس او جان او أيا كان ، لكل من يجهل ما يتوجب عليه علمه ، وليس ليعلم بمحاولته نفسه