سلبيات المهاجرة ، وبإثباتها : «الا الله» في إيجابياتها ، فكل من يحمل كلمة التوحيد فهو مهاجر في بعديها على أية حال ، حيث الحواجز في السلوك الى الله كثير ، فالموحد هو دائب المهاجرة في الله.
(لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) حياة حسنة كما يطلبونها ليل نهار : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) فالمهاجرة في الله تسهّل كل صعب ، وتحسّن كل سوء (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٤ : ١٠٠).
لا تفكر أنك إذا هاجرت وطنك وشغلك في الله تلقي بنفسك الى التبعثر والحيرة دون بواء ، فقد وعدك الله بترك بوائك في الله (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) رغم ان الدنيا دار عناء وشقة سيئة ، وذلك طرف من الأجر ضئيل فان متاع الدنيا أيا كان قليل (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ) وحسنتها «اكبر» من اجر الدنيا وحسنتها (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) والبواء هنا لا تخص دار الهجرة مهما كانت من البواء الحسنة ، حيث النص (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) سواء أكانت بواء دار الهجرة ام الرجوع الى ارض الوطن ام فيهما ، وعلى اية حال فهي البواء والحياة الحسنة ، الملائمة للحفاظ على كرامة الايمان ، مهما كانت فيها صعوبات في ظاهر الحال ..
وترى من هم المعنيون هنا ب «يعلمون»؟ أهم المهاجرون في الله؟ وهم بطبيعة الحال يعلمون ، وإلّا فلم يهاجرون ان لم يكونوا يعلمون! ، ثم و «لو» المحيلة عاديا لمدخولها تحيل لهم ان يعلموا خير أجر الآخرة ، وانه اكبر ، فليسوا ـ إذا ـ إلّا المشركين السابق ذكرهم ، ثم وليست (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) لتختص علمهم بحسنى الآخرة ، بل وقبلها حسنى الدنيا ، والكفار لا يعلمون الحسنيين ، إذ لا يعرفون حسنى الحياة الدنيا ، ولا يصدقون الاخرى فضلا عن حسناها!