(لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) بيانا عيانا بواقع البعث وما فيه من الفتح بين المختلفين ، وفصل القضاء لهم (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا) عين اليقين (أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) فيما كانوا يحلفون ويختلقون من شبهات حول البعث.
وهنا البيان الموعود لهم يوم البعث ، منه واقع البعث فانه بيان العيان ، ومنه ظهور كافة الحقائق التي أنكروها يوم الدنيا ، تقصيرا عنها لا قصورا فيها ، إذ حجبوا أنفسهم عنها فأنكروا ، ولكنهم في الأخرى يزّيل بينهم وبينها فيصدقونها متحسرين من تكذيبها في الاولى : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).
ومن ثم بيان العيان لملكوت عقائدهم وأعمالهم حيث تبرز فيها ف (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً).
ففي مثلث البيان العيان (لِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) ويعلم الذين آمنوا صدقهم أنفسهم فيشكرون.
وازاحة عن شبهة القدرة لذلك البعث الباعث لتحقيق عدل الله وفضله :
(إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ٤٠.
إنما قوله تعالى ـ فيما يريده تكوينا ـ فعله ، تعبيرا بما نعرفه سهلا هيّنا ، فكما القول ـ أيا كان في التكوين ـ عندنا سهل ، دون حاجة إلى أية محاولة إلّا لفظة القول ، كذلك الله ربنا سبحانه في فعله أيا كان ، ليست له محاولة إلا مجرد حوله وقوته ، دونما أية صعوبة ولا اي فصل زمني إلّا ان يشاء ذلك قضية الحكمة العالية الربانية.
ونفاذ مشيئته بالنسبة لاي تكوين هو على حد سواء ، سواء أكان تكوينا للكائن الاوّل لا من شيء ، ام تطويرا له بعد تكوينه الى أطوار أخرى كما