الضَّلالَةُ) يحمل التكويني ، وانه لا يهدي إلّا من اهتدى : (الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) ولا يضل إلّا من ضل : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) تشريع يحبذ الإيمان ، وتكوين بعد الكفر أو الإيمان ، فليست بداية الكفر او الايمان ـ إذا ـ تسييرا دون اختيار ، وانما مزيد الكفر والايمان جزاء وفاقا.
وهؤلاء الذين ضلوا باختيارهم وعلى علم ، معاندين للحق ومحايدين للباطل ، ليس الله ليهديهم تسييرا بعد ما اختاروا الضلالة فأضلهم كما ضلوا ، وان كنتم في ريب من بعث الرسل حاملين مشيئة الله التشريعية في التوحيد والمعاد والشرعة الموصلة بين المبدء والمعاد ، ام في ريب من عاقبة المكذبين لهذه الرسالات (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) تأريخيا وجغرافيا ، سيرا بأنفسكم في أكناف الأرض؟ وذلك غير ميسور لاكثر اهل الأرض! ام سيرا في التأريخ الجغرافي والجغرافيا التاريخي نظرا في السير؟ وفيها حق وباطل! ام نظرا في القرآن؟ وهو اضمن سير وأسلمه ، وفي مثلث السير ذكرى مهما اختلفت الدرجات.
(إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) ٣٧.
(لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ) به. بما ضل ، ولا «من يضل» سواه بما أضل ، فمن ضل وأضل ليس الله ليهديه سواء السبيل ، اللهم بإكراه وهو خلاف سنة الله (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) (١٠ : ٩٩) ، ثم (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) يهدونهم بعد ما أضلهم الله وما هدى ، ولا من ناصرين ينجونهم من عذاب الله الموعود لهم ، ولماذا «من ناصرين» وهي لا تنفي سوى الجمع فعلّ لهم ناصرا ان لم يكن ناصرون؟.
«من» هنا تجتث جذور النصرة أيا كانت ومن اي ناصر ، والجمع هنا ابلغ لاستغراق النفي ، ف «من ناصر» قد يعنى به ناصر يزعمونه