(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) في قيامة الإحياء ، بعد ما كانوا في جنات برزخية ، (لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ) وبطبيعة الحال لا يشاءون فيها إلا كما يناسب ظروف الجنة وأهلها المتقين «كذلك» العظيم الرحيم العميم (يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ) :
(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ٣٢.
وهذه الجنة ـ وهي عند ما يتوفّون ـ هي البرزخية ، وليست هي العدن التي لا يدخلونها إلّا في الآخرة ، فهذه ـ اذن ـ من الآيات الدالة على الحياة البرزخية. و «طيبين» هنا مقابل «ظالمين» هناك هم الطيبون من الظلم (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (٦ : ٨٢) من أظلم الظلم وهو الشرك ، ثم سائر الظلم ، فهم ـ إذا ـ من ليست له حين يتوفّى إلّا الجنة ، كما الأولون هم من ليست لهم إلّا النار ، وبينهما عوان يجمع لهم بين العذاب والثواب ، لم يذكروا هنا وهناك.
ثم الطيب هو ما يستطاب كما هو ما يستطيب ، والطيبون عند توفيهم تستطاب أقوالهم ونياتهم واعمالهم ، وهم عند الله مرضيون يستطابون ، فأوّل ما يقال لهم (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) قولا وفعلا وحالا ، ومن سلامهم فعلا : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) على ضوء الايمان والطيب.
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ٣٣
(هَلْ يَنْظُرُونَ) وينتظرون حماقى الطغيان ، اصحاب القلوب المقلوبة المنكرة المستكبرة ، الكافرة المضلّلة ، (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ ...)؟ هنا ، وفي البقرة (... إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ٢١٠ ثم في الانعام : (... إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ