(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٤٠ : ٥١) وكما منها حياتهم فيها بحذافيرها وظلماتها وظلاماتها وشهواتها ، فإنهم يجتازونها سالمين وكما يروى عن رسول الهدى (ص): جزناها وهي خامدة!.
لكن (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) حسنة من الدنيا للذين أحسنوا فيها (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) أهي الدار الآخرة ، حيث الدنيا لهم مدرسة ودار مجاز ، لا دار مقام ، مهما كانت هي ـ ايضا ـ كذريعة وعلى هامش الآخرة نعم الدار حيث المتقون دنياهم آخرة لأنها مزرعة الآخرة؟ ام هي الدنيا لقرن (دارُ الْمُتَّقِينَ) بالآخرة (١) ، أم هي دورهم كلها في النشآت الثلاث ثانيتها دار البرزخ ، فلأنهم يتقون محاظيرهم ، فلنعم دارهم حيثما دار ، تقوى في الاولى ، ونتيجة التقوى في الأخريين ، مهما كانت الآخرة أنعم وأحسن الحسنيين.
ف (لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) حيثما دار في النشآت الثلاث وأوسطها البرزخ ، مهما كانت الآخرة أنعم وارقى ، وهي :
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ) ٣١.
فمهما كانت لهم الحياة الدنيا الإيمانية ، «جنات» ومن وراءها في البرزخ جنات ، ولكنها غير عدن مهما كانت البرزخ أطول من الدنيا ، وفي النشأة الثالثة والأخيرة لهم (جَنَّاتُ عَدْنٍ) واستقرار لا موت فيها ولا خروج عنها لأنها عطاء غير مجذوذ ، فهي هي دار المتقين مهما كانت لهم في الأولى والثانية دار حيات وعيشة حسنة.
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٢ عن تفسير العياشي عن ابن مسكان عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله : ولنعم دار المتقين ـ قال : الدنيا ـ أقول وهذا تفسير بالمصداق الأدنى فأوسطه البرزخ وأعلاه الآخرة.