ذلك ، وكما أتى الله بنيانهم وبناياتهم السكينة إيتاء ماكرا قاهرا كما أتوا «من القواعد» دون السقوف ، والظالم انما يخاف البأس من فوقه فيتترس من فوقه عمن فوقه ، ولكن الله يأتيهم بقهره من قواعدهم (وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) مكرا بمكر ونكرا بنكر ، منهم على ضعف وجهالة ، ومن الله على قوة ونبالة جزاء وفاقا.
وترى بعد (فَأَتَى اللهُ) هي إتيان الذات المقدسة؟ وبنيانهم دون «إلى» المعدية ل «أتى» دليل اوّل على انه ليس إتيان الذات ، وقدر تقدّر «على» فهو إتيان القدرة القاهرة الإلهية على بنيانهم.
ثم «الله» دون «الرب» كما في (وَجاءَ رَبُّكَ) تلميحة لطيفة ان ذلك إتيان الالوهية بكامل القدرة القاهرة على بنيانهم.
إذا فإتيانه قواعدهم هو مشيئته تعالى تدميرها (١) فلا يراد به الحضور عن غيبة ، والقرب بعد مسافة ، وانما حضور المشيئة لحاضر المكر وقته وقدره.
وترى كيف «خر (عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) وخرور السقف هو بطبيعة الحال من فوقهم لا من تحتهم مهما كان على أثر إتيان بنيانهم من القواعد؟
علّه لأنه ربما يخر السقف وليس فوقهم إذ ليسوا تحته ، (فَخَرَّ .. مِنْ فَوْقِهِمْ) تأشير إلى أنهم كانوا تحته فخر عليهم.
ثم المصداق الأعلى للقواعد والسقف هو قواعد المكر وسقفها التي جعلوها فوقهم في حياتهم الماكرة ضد الرسالات.
__________________
(١) المصدر عن الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول : «قد مكر الذين من قبلهم ولم يعلم الذين آمنوا ـ فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف» قال محمد بن كليب عن أبيه قال : انما شاء.