فما جاءوا ـ إذا ـ الا بكل دعاية زور وغرور ومدعي الباطل يتفلت في كلامه دون تلفت ، فهو يبطل باطله بنفسه دون حاجة الى ابطال ، خاسرا في حاله ومقاله على أية حال.
والى جواب فالح كاسح عن اي شك وأية ريبة مما يدعو إليه الرسل ، كاملا شاملا يجتث كل خالجة على ساحة الربوبية :
(قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)(١٠).
ان دعوة الرسل تبدء بإثبات وجود الله وتتوسط كركيزة لها بتوحيد الله ، وتختم بصفاته الحسنى وقضيتها ضرورة الرسالة والمعاد ، والناكرون في الله بين ثلاث ، إلحادا فيه واشراكا به ونكرانا لأصلي الرسالة والمعاد بعد توحيده ام قبله ، فقيلة الناكرين من قبل (إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) تعم كل ما جاء به الرسل من هذه الثلاث ، وقد أسرفوا في الكفر بما جاءوا به (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) انهم هم الغرقى في شك مريب ، ولكن (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يزيح كل شك وريبة عن ساحة الدعوة الرسالية ويسد كل ثغرة ونافذة الى اي شك واية ريبة.
فأصل انفطار السماوات والأرض دليل على اصل وجود الفاطر ، والوحدة السائدة في المنفطرات في كل صغيرة وكبيرة ، بما يرى وما لا يرى دليل على وحدة الفاطر ، والرحمة السارية فيها لكل على حدها وحاجتها دليل على رحمته الخاصة بالخاصة منها والإنسان في هذا الميدان سابق على الكائنات بأسرها بسابغ الرحمة المتعالية في روحه وجسمه فانه في أحسن تقويم ، فقضية الرحمة السائدة من فاطر السماوات والأرض ان يختص نوع الإنسان وأضرابه بخاصة رحمته وخالصتها التي تخرجه من الظلمات الى