دون ان ينقص أولئك من أوزارهم شيء ف «من» هنا تبعيضية ، فان واجهة الضلال للضالين عليهم أنفسهم ، وواجهة الإضلال فيه على المضلّين ، تأمل ولقد تواتر الخبر بين الفريقين عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن «من سن سنة حسنة كان له مثل أجر من عمل بها الى يوم القيامة ولا ينقص أولئك من أجورهم شيء ومن سن سنة سيئة كان عليه وزر من عمل بها الى يوم القيامة من غير ان ينقص أولئك من أوزارهم شيء» (١).
ويصدقه القرآن في آيات عدة ك (نَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) (٣٦ : ١٢) (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) (٥٢ : ٢١).
ومن خطبة لعلي امير المؤمنين (عليه السلام) على ضوء (مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) ـ : واعلموا أن لكلّ حق طالبا ولكل دم ثائرا ، والطالب كقيام الثائر بدمائنا ، والحاكم في حق نفسه هو العادل الذي لا يجور ، وهو الله الواحد القهار ، واعلموا ان على كل شارع بدعة وزره ووزر كل مقتد به من بعده ، من غير ان ينقص من أوزار العاملين شيء ، وسينتقم الله من الظلمة مأكل بمأكل ومشرب بمشرب ، من لقم العلقم ومشارب الصبر الأدهم ، فليشربوا بالصلب من الراح السّم المذاق ، وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا ، ولهم بكل ما أتوا وعملوا من
__________________
(١) هذا وفي لفظ آخر بمعناه في الدر المنثور ٤ : ١١٧ ـ اخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن انس قال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أيما داع دعى الى الهدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير ان ينقص أولئك من أجورهم شيء وأيما داع دعى الى ضلالة فاتبع عليه فان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير ان ينقص من أوزارهم.
وفي نور الثقلين ٣ : ٤٨ عن تفسير القمي عن الصادق (عليه السلام): والله ما أهريقت محجمة من دم ولا قرع عصا بعصا ولا غصب فرج حرام ولا أخذ مال من غير حلّ الا وزر ذلك في أعناقهم من غير ان ينقص من أوزار العاملين شيء.