بالبعض المستفاد من «منها» و «السبيل» جاءت في سائر القرآن بمختلف صيغها (١٧٥) مرة هي في عشر منها بصيغة الجمع وفي سائرها مفرد ، ولكن الصراط لم يأت إلّا مفردا مما يدل على وحدته وكثرتها ، فمن السبيل سبيل الله وهي أكثرها ذكرا سبيلا قاصدا ، ومنها سبيل الطاغوت وهي الجائر ، وقد تلمح «جائر» مذكرا والسبيل تؤنث في «منها» انها ذات وجهين ذكورة وأنوثة ، والوجهان مذكوران في آيات عدة ، ف (لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً) (٣ : ٩٩) (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً) (٧ : ٤٥) هما واضرابهما في وجه الأنوثة ، ثم (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) (١٧ : ١٤٦) (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) (١٥ : ٧٦) هما آخران في وجه الذكورة ، والوجهان وجيهان سنادا الى مجيئهما في القرآن.
والسبل منها قاصدة الى الله ومنها جائرة تفرّق عن سبيل الله : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (٦ : ١٣).
وقد «كتب ـ الله ـ على نفسه الرحمة» ومنها (قَصْدُ السَّبِيلِ) تشريعا وتكوينا ، في الآفاق وفي الأنفس ، ولكنها في كلّ أبعادها تخيير لا تسيير (وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) تسييرا على سبيله القاصدة غير القاسطة الساقطة : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) (٣٢ : ١٣).
و (قَصْدُ السَّبِيلِ) قد تعني المصدر ، فعلى الله نفسه قصد السبيل ، وهي بطبيعة الحال السبيل المستقيم والى الصراط ، او تعني الفاعل صفة مضافة الى موصوفها : «السبيل القاصدة» للحقّ (وَمِنْها جائِرٌ) حيث لا تقصد الحق ، والمعنيان ـ علهما ـ معنيّان تعنيان «وعلى الله قصد السبيل القاصد» قصدا انفسيا وآفاقيا الى الصراط المستقيم.
فالسبيل الى الصراط المستقيم هي سبيل قيّمة مستقيمة إلى الله ، وهي