الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٨ : ٣٧).
ذلك هو حكمي بحكمتي العالية (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (١٦ : ١٠٠).
فلو شئت لمنعتك وما أنظرتك ، فليس تهددك في عبادي عليّ ، فان (هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) لا صراطك إلّا بما سمحت لك تكوينا ، ولم أرضه تشريعا ، «انك لا تملك ان تدخلهم جنة ولا نارا» (١).
والسلطان المنفي عنه يعم سلطان البرهان فطريا وعقليا ورساليا وسائر البرهان ، وكذلك سلطان القوة البدنية ، فانما هو يكيد كيدا (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) (٤ : ٧٦) ومن يتبعه من الغاوين الذين يتولونه وهم به مشركون ، هم الذين يسلطونه على أنفسهم تغافلا عن كافة البراهين وتخاملا ، فإذا خفّوا استحوذ عليهم الشيطان ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى.
أترى الشيطان قرر لنفسه نفس ما قرره الرحمان دون زيادة ولا نقصان ، إذا فهو على صراط الله المستقيم؟ كلّا! فان هناك فوارق عدة في نفس التعبير وشاكلة المعنى ، اضافة الى ان هذا صراط تكويني من الله لحكمة ، والشيطان يسلكه بسوء طوية وعناد.
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ١٦ عن تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قلت أرأيت قول الله (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) ما تفسير هذه الآية؟ قال : قال الله انك لا تملك ان تدخلهم جنة ولا نارا.