(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) (٣٩ : ٢١) ام ومن الأرضية كما انزل الحديد والأنعام.
وذلك التنزيل في اي شيء ليس جزافا ، ام يتم اعتباطا (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ): «قدر» في العلم والقدرة والحكمة العالية الربانية ، قدرا في الكون وقدرا في الكيان وقدرا في الميزان (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ. أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ ، وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (٦٥ : ٣) (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٥٤ : ٤٩) (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) (٢٣ : ١٨) ... فهو قدر ذاتيا ومصلحيا ، شخصيا وجماعيا ، فحتى نصيب الأرض من ماء السماء بقدر ، لا يزيد عنه ولا ينقص ، وعلّه يشمل قدر المطر في كل سنة ، ف «ليس أحد بأكسب من أحد ولا عام بأمطر من عام ولكن الله يصرفه حيث شاء» (١).
فالشيء الاوّل خلقا وهو المادة الأم ، هو منزّل إيجادا بقدر ، ثم منزّل في تطوراته بقدر ، وكافة التطورات الجوهرية والعرضية ، كيماوية وفيزيائية ام هندسية إمّا هيه كلها منزلة بقدر ، لا منزّل لها ولا مقدّر إلّا الله الواحد القهار ، حيث الخزائن كلها عند الله لا سواه.
وكل قدر من هذه الأقدار مهندسة في العلم والقدرة والحكمة الربانية على ضوء الرحمة رحمانية ورحيمية ، وهذه هي خزائن التنزيل لكل شيء بقدر ، مجموعة في كلمة «كن» التكوينية ، وقد يعنيها العرش فيما يروى
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٩٦ ـ اخرج ابن مردويه عن ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ... وفي نقل آخر وما نزلت قطرة من السماء ولا خرجت من ريح الا بمكيال او بميزان.