نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر. وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لما حاصر بني قريضة ، قالوا له : ابعث إلينا أبا لبابة نستشره في أمرنا.
فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : [يا أبا لبابة] (١) ائت حلفاءك ومواليك.
فأتاهم ، فقالوا له : يا أبا لبابة ، ما ترى ، أننزل على ما حكم به محمّد؟
فقال : انزلوا ، واعلموا أن حكمه فيكم هو الذبح ـ وأشار إلى حلقه ـ ثمّ ندم على ذلك.
فقال : خنت الله ورسوله.
ونزل من حصنهم ، ولم يرجع إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. ومرّ إلى المسجد وشدّ في عنقه حبلا ، ثم شده إلى الأسطوانة التي تسمى : أسطوانة التّوبة. وقال : لا أحلّة حتّى أموت أو يتوب الله عليّ.
فبلغ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ذلك ، فقال : أما لو أتانا ، لاستغفرنا الله له.
فأما إذا قصد إلى ربّه ، فالله أولى به.
وكان أبو لبابة يصوم النّهار ، ويأكل بالليل ما يمسك به نفسه (٢). فكانت بنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة. فلمّا كان بعد ذلك ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في بيت أمّ سلمة ، نزلت توبته.
فقال : يا أمّ سلمة ، قد تاب الله على أبي لبابة.
فقالت : يا رسول الله ، أفأؤذنه بذلك؟
فقال : لتفعلنّ.
فأخرجت رأسها من الحجرة ، فقالت : يا أبا لبابة ، أبشر فقد تاب الله عليك.
فقال : الحمد لله.
فوثب المسلمون ليحلّوه ، فقال : لا والله ، حتّى يحلني رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
فجاء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا أبا لبابة ، قد تاب الله عليك توبة لو ولدت من أمّك [يومك] (٣) هذا لكفاك.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) المصدر : «رمقه» بدل «نفسه».
(٣) من المصدر.