وفي أصول الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد قال : حدّثنا أبو عمرو الزّبيريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : إنّ الإيمان (٢) درجات ومنازل ، يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟
قال : نعم.
قلت : صفه لي ، رحمك الله ، حتى أفهمه.
قال : إنّ الله سبق بين المؤمنين ، كما يسبّق بين الخيل يوم الرهان (٣) ، ثمّ فضّلهم على درجاتهم في السّبق إليه. فجعل كلّ امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها حقّه ، ولا يتقدّم مسبوق سابقا ولا مفضول فاضلا ، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها.
و [لو] (٤) لم يكن للسّابق إلى الإيمان فضل على المسبوق ، إذا للحق آخر (٥) هذه الأمة أوّلها.
نعم ، ولتقدّموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه. ولكن بدرجات الإيمان قدم الله السّابقين ، وبالإبطاء عن الإيمان أخر الله المقصرين. لأنّا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين ، وأكثرهم صلاة وصوما وحجّا وزكاة وجهادا وإنفاقا. ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله ، لكان الآخرون بكثرة (٦) العمل مقدّمين على الأولين. ولكن أبى الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يدرك آخر درجات الإيمان أوّلها ، ويقدّم فيها من أخر الله أو يؤخّر فيها من قدّم الله.
قلت : أخبرني عمّا ندب الله ـ عزّ وجلّ ـ المؤمنين عليه من الاستباق إلى الإيمان.
فقال : قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ـ إلى قوله ـ وَرَضُوا عَنْهُ). فبدأ بالمهاجرين الأوّلين على درجة سبقهم ، ثم ثنّى بالأنصار ، ثم ثلث بالتّابعين لهم بإحسان. فوضع كلّ قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٧) ، بإسناده إلى سليم بن قيس الهلالي : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في
__________________
(١) الكافي ٢ / ٤٠ ـ ٤١ ، صدر ح ١.
(٢) المصدر : للايمان.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يوم البرهان.
(٤) من المصدر.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : «الحق أواخر» بدل «للحق آخر».
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : يكثرون.
(٧) كمال الدين / ٢٧٦.