قال : لا. لأنّ الأعمال ليست أجساما ، وإنّما هي صفة ما عملوا. وإنّما يحتاج إلى وزن الشّيء من جهل عدد الأشياء ولا يعرف ثقلها وخفّتها. وإنّ الله لا يخفى عليه شيء.
قيل : فما معنى الميزان؟
قال : العدل.
قيل : فما معناه في كتابه (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ)؟
قال : فمن رجح عمله.
قيل (١) : وسرّ ذلك ، أنّ ميزان كلّ شيء هو المعيار الّذي به يعرف قدر ذلك الشّيء. فميزان النّاس يوم القيامة ، ما يوزن به قدر كلّ إنسان وقيمته على حسب عقيدته وخلقه وعمله ، لتجزى كلّ نفس بما كسبت. وليس ذلك إلّا الأنبياء والأوصياء ، إذ بهم وباتّباع شرائعهم واقتفاء آثارهم وترك ذلك وبالقرب من سيرتهم والبعد عنها يعرف مقدار النّاس وقدر حسناتهم وسيّئاتهم. فميزان كلّ أمّة ، هو (٢) نبيّ تلك الأمّة ووصيّ نبيّها والشّريعة الّتي أتى بها. فمن ثقلت حسناته وكثرت (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٣) فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) بظلمهم عليها من جهة تكذيبهم للأنبياء والأوصياء وعدم اتّباعهم.
وفي الكافي (٤) ، وفي معاني الأخبار (٥) ، عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ).
قال : هم الأنبياء والأوصياء.
وفي رواية أخرى (٦) : نحن الموازين القسط.
وفي مصباح الشّريعة (٧) : قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ في كلام طويل : فإذا أردت أن تعلم أصادق أنت أم كاذب ، فانظر في قصد معناك وغور دعواك وعيّرهما (٨) بقسطاس من الله ـ عزّ وجلّ ـ ، كأنّك في القيامة. قال الله ـ تعالى ـ : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ). فإذا اعتدل
__________________
(١) تفسير الصافي ٢ / ١٨١.
(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : هي.
(٣) المصدر : «وقلّت» بدل «موازينه».
(٤) الكافي ١ / ٤١٩ ، ح ٣٦.
(٥) المعاني / ٣١ ـ ٣٢ ، ح ١.
(٦) تفسير الصّافي ٢ / ١٨٢.
(٧) مصباح الشريعة / ٤١٠.
(٨) كذا في المصدر. وفي ب : عيّر. وفي سائر النسخ : عيّرهما.