العير الّتى أفلتت.
(وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) : أي : لو تواعدتم أنتم وهم للقتال ثمّ علمتم حالكم وحالهم ، لاختلفتم في الميعاد هيبة منهم ويأسا من الظّفر عليهم. ليتحقّقوا أنّ ما اتّفق لهم من الفتح ليس إلّا صنعا من الله خارقا للعادة ، فيزدادوا إيمانا وشكرا.
(وَلكِنْ) : جميع بينكم على هذه الحال من غير ميعاد.
(لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) : حقيقا بأن يفعل. وهو نصر أوليائه ، وقهر أعدائه.
وفي كتاب مقتل الحسين ـ عليه السّلام ـ لأبي مخنف : أنّ الحسين ـ عليه السّلام ـ بعد أن بلغه قتل مسلم وهانى ونزوله بالعقبة قال له بعض من حضر : ناشدتك الله ، إلا ما رجعت. فو الله ، ما تقدم إلّا على أطراف الأسنّة وحرارات السّيوف. وأنّ هؤلاء القوم الذين بعثوا إليك لو كان فيهم صلاح ، لكفوك مؤنة الحرب والقتال ، وطيّبوا لك الطريق ، ولكان الوصول إليهم رأيا سديدا. فالرأي عندنا ، أن ترجع عنهم ولا تقدم عليهم.
فقال له الحسين ـ عليه السّلام ـ : صدقت ، يا عبد الله ، فيما تقول (وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً).
(لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) : بدل منه. أو متعلّق بقوله : «مفعولا».
قيل (١) : والمعنى : ليموت من يموت عن بينة عاينها ، ويعيش من يعيش عن حجّة شاهدها لئلا يكون له حجة ومعذرة. فإنّ وقعة بدر من الآيات الواضحة. أو ليصدر كفر من كفر ، وإيمان من آمن عن وضوح بيّنة. على استعارة الهلاك والحياة ، للكفر والإسلام.
والمراد ب «من هلك» و «من حيّ» : المشارف للهلاك والحياة. أو من هذا حاله في علم الله وقضائه.
وقرئ (٢) : «ليهلك» بالفتح.
وقرأ (٣) ابن كثير ، برواية البزيّ ، ونافع وأبو بكر ويعقوب : «من حيي» بفكّ
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٦.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٣٩٦.
(٣) نفس المصدر ، والموضع.