وقرأ (١) نافع ، بالتّخفيف. من أغشيته الشّيء : إذا غشيته إيّاه. والفاعل على القراءتين ، هو الله ـ تعالى ـ.
وقرأ (٢) ابن كثير وأبو عمرو : «يغشاكم النّعاس» بالرّفع.
(أَمَنَةً مِنْهُ) : أمنا من الله. وهو مفعول له ، باعتبار المعنى. فإنّ قوله : (يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ) يتضمّن معنى : تنعسون. ويغشاكم بمعناه.
و «الأمنة» فعل لفاعله. ويجوز أن يراد بها الإيمان ، فيكون فعل المغشيّ. وأن تجعل على القراءة الأخيرة فعل النّعاس على المجاز. لأنّها لأصحابه ، أو لأنّه كان من حقّه أن لا يغشاهم لشدّة الخوف. فلمّا غشيهم فكأنّه حصلت لهم أمنة من الله ، لولاها لم يغشيهم ، كقوله : يهاب النّوم أن يغشى عيونا تهابك فهو نفّار شرور.
وقرئ (٣) : «أمنة» ، كرحمة. وهي لغة.
(وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) : من الحدث والجنابة.
وفي الكافي (٤) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ [قال : قال أمير المؤمنين] (٥) اشربوا ماء السّماء ، فإنّه يطهّر البدن ، ويدفع الأقسام. ثمّ تلا هذه الآية.
ومثله في كتاب الخصال (٦).
(وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ) ، يعني : الجنابة. لأنّها من تخييله ، أو وسوسته وتخويفه إيّاهم من العطش.
إذ نقل (٧) : أنّهم نزلوا في كثيب أعفر ، تسوخ فيه الأقدام على غير ماء. وناموا ، فاحتلم أكثرهم. وقد غلب المشركون على الماء. فوسوس إليهم الشّيطان ، وقال : كيف تنصرون وقد غلبتم على الماء ، وأنتم تصلون محدثين مجنبين ، وتزعمون أنّكم أولياء الله ، وفيكم رسوله؟ فأشفقوا. فأنزل الله المطر ، فمطروا [ليلا] (٨) حتّى جرى الوادي. واتّخذوا الحياض على عدوته ، وسقوا الرّكاب ، واغتسلوا ، وتوضّئوا. وتلبّد الرّمل الّذي بينهم
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٣٨٧.
(٢) نفس المصدر ، والموضع.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٨٧.
(٤) الكافي ٦ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨ ، ح ٢.
(٥) من المصدر.
(٦) الخصال / ٦٣٦ ـ ٦٣٧.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ٣٨٧.
(٨) من المصدر.