فقال لهم : أنا صالح ، الّذي أتيتكم بالنّاقة.
فقالوا : صدقت ، وهي الّتي نتدارس ، فما علامتها؟
فقال : (لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ).
قالوا : آمنا بالله وبما جئتنا به.
فعند ذلك قال ـ تبارك وتعالى ـ : (أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ).
فقال أهل اليقين : (إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ، قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) وهم الشّكّاك [والجحّاد] (١) (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ).
قلت : هل كان فيهم ذلك اليوم عالم به؟
فإنّ الله أعدل من أن يترك الأرض بلا عالم يدلّ على الله ـ عزّ وجلّ ـ. ولقد مكث القوم بعد خروج صالح ـ عليه السّلام ـ سبعة أيّام على فترة لا يعرفون إماما ، غير أنّهم على ما في أيديهم من دين الله ـ عزّ وجلّ ـ كلمتهم واحدة. فلمّا ظهر صالح ـ عليه السّلام ـ اجتمعوا عليه. وإنّما مثل القائم ـ عليه السّلام ـ مثل صالح.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) (٣).
يقول : مصدّق ومكذّب. قال الكافرون منهم : أتشهدون (أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ). قال المؤمنون : إنا بالذي أرسل به مؤمنون. قال الكافرون : (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ).
وفي كتاب الاحتجاج (٤) ، للطّبرسي ـ رحمه الله ـ روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن عليّ ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ يهوديّا من يهود الشّام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : فإنّ هذا صالح أخرج الله له ناقة جعلها لقومه عبرة.
قال عليّ ـ عليه السّلام ـ : لقد كان كذلك ، ومحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ أعطي ما هو أفضل من ذلك. إنّ ناقة صالح لم تكلّم صالحا ولم تناطقه ولم تشهد له بالنّبوّة ،
__________________
(١) من المصدر.
(٢) تفسير القمّي ٢ / ١٣٢.
(٣) النمل / ٤٥.
(٤) الاحتجاج ١ / ٣١٧.