التطير. قال ابن الأثير : ولا نظير لهما. وفي «اللسان» ما يوهم أن نظيرهما : سبي طيبة ، إذا لم يكن فيه غدر ولا نقض عهد. ويحتمل أنه أراد التنظير في الزنة لا في المعنى ، لأنها زنة نادرة.
واللام في (لَهُمُ) للملك ، أي ما كانوا يملكون اختيارا في المخلوقات حتى يقولوا (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف : ٣١]. ونفي الملك عنهم مقابل لقوله (ما يَشاءُ) لأن (ما يَشاءُ) يفيد معنى ملك الاختيار.
وفي ذكر الله تعالى بعنوان كونه ربا للنبي صلىاللهعليهوسلم إشارة إلى أنه اختاره لأنه ربه وخالقه فهو قد علم استعداده لقبول رسالته.
(سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
استئناف ابتدائي لإنشاء تنزيه الله وعلوه على طريقة الثناء عليه بتنزهه عن كل نقص وهي معترضة بين المتعاطفين. و (سُبْحانَ) مصدر نائب مناب فعله كما تقدم في قوله (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا) في سورة البقرة [٣٢]. وأضيف (سُبْحانَ) إلى اسمه العلم دون أن يقال : وسبحانه ، بعد أن قال (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ) [القصص : ٦٩] لأن اسم الجلالة مختص به تعالى وهو مستحق للتنزيه بذاته لأن استحقاق جميع المحامد مما تضمنه اسم الجلالة في أصل معناه قبل نقله إلى العلمية.
والمجرور يتنازعه كلا الفعلين. ووجه تقييد التنزيه والترفيع ب (ما يشركون) أنه لم يجترئ أحد أن يصف الله تعالى بما لا يليق به ويستحيل عليه إلا أهل الشرك بزعمهم أن ما نسبوه إلى الله إنما هو كمال مثل اتخاذ الولد أو هو مما أنبأهم الله به ، و (إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها) [الأعراف : ٢٨]. وزعموا أن الآلهة شفعاؤهم عند الله. وقالوا في التلبية : لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. وأما ما عدا ذلك فهم معترفون بالكمال لله ، قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [لقمان : ٢٥]. و (ما) مصدرية أي سبحانه وتعالى عن إشراكهم.
(وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩))
عطف على (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) [القصص : ٦٨] أي هو خالقهم ومركبهم على النظام الذي تصدر عنه الأفعال والاعتقادات فيكونون مستعدين لقبول الخير والشر وتغليب أحدهما على الآخر اعتقادا وعملا ، وهو يعلم ما تخفيه صدورهم ، أي نفوسهم