فما صدق (مِنَ) الأولى هم الذين وعدهم الله الوعد الحسن وهم المؤمنون ، وما صدق (مِنَ) الثانية جمع هم الكافرون. والاستفهام مستعمل في إنكار المشابهة والمماثلة التي أفادها كاف التشبيه فالمعنى أن الفريقين ليسوا سواء إذ لا يستوي أهل نعيم عاجل زائل وأهل نعيم آجل خالد.
وجملة (فَهُوَ لاقِيهِ) معترضة لبيان أنه وعد محقق ، والفاء للتسبب.
وجملة (ثُمَّ هُوَ) إلخ عطف على جملة (مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) فهي من تمام صلة الموصول. و (ثُمَ) للتراخي الرتبي لبيان أن رتبة مضمونها في الخسارة أعظم من مضمون التي قبلها ، أي لم تقتصر خسارتهم على حرمانهم من نعيم الآخرة بل تجاوزت إلى التعويض بالعذاب الأليم.
ومعنى (مِنَ الْمُحْضَرِينَ) أنه من المحضرين للجزاء على ما دل عليه التوبيخ في (أَفَلا تَعْقِلُونَ) [القصص : ٦٠]. والمقابلة في قوله (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً) المقتضية أن الفريق المعين موعودون بضد الحسن ، فحذف متعلق (الْمُحْضَرِينَ) اختصارا كما حذف في قوله (وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) [الصافات : ٥٧] وقوله (فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) [الصافات : ١٢٧ ، ١٢٨].
[٦٢ ـ ٦٣] (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢) قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ (٦٣))
تخلص من إثبات بعثة الرسل وبعثة محمد صلىاللهعليهوسلم إلى إبطال الشركاء لله ، فالجملة معطوفة على جملة (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً) [القصص : ٦١] مفيدة سبب كونهم من المحضرين ، أي لأنهم اتخذوا من دون الله شركاء ، وزعموا أنهم يشفعون لهم فإذا هم لا يجدونهم يوم يحضرون للعذاب ، فلك أن تجعل مبدأ الجملة قوله (يُنادِيهِمْ) فيكون عطفا على جملة (ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) [القصص : ٦١] أي يحضرون و (يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ : أَيْنَ شُرَكائِيَ) إلخ. ولك أن تجعل مبدأ الجملة قوله (يَوْمَ يُنادِيهِمْ). ولك أن تجعله عطف مفردات فيكون (يَوْمَ يُنادِيهِمْ) عطفا على (يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) [القصص : ٦١] فيكون (يَوْمَ يُنادِيهِمْ) عين (يَوْمَ الْقِيامَةِ) وكان حقه أن يأتي بدلا من (يَوْمَ الْقِيامَةِ) لكنه عدل عن الإبدال إلى العطف لاختلاف حال ذلك اليوم باختلاف العنوان ، فنزل منزلة يوم مغاير زيادة في تهويل ذلك اليوم.