إجابة ذلك السؤال. ويكون المراد بالقول جنس القول ، أي الكلام الذي يقال في ذلك المقام وهو الجواب عن الاستفهام بقوله (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) وعلى كلا الاحتمالين فالذين حق عليهم القول هم أئمة الكفر كما يقتضيه قوله تعالى (هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا ...) إلخ.
والتعريف في (الْقَوْلُ) الأظهر أنه تعريف الجنس وهو ما دل عليه (قالَ) ، أي قال الذين حق عليهم أن يقولوا ، أي الذين كانوا أحرى بأن يجيبوا لعلمهم بأن تبعة المسئول عنه واقعة عليهم لأنه لما وجه التوبيخ إلى جملتهم تعين أن يتصدى للجواب الفريق الذين ثبتوا العامة على الشرك وأضلوا الدهماء.
وابتدءوا جوابهم بتوجيه النداء إلى الله بعنوان أنه ربهم ، نداء أريد منه الاستعطاف بأنه الذي خلقهم اعترافا منهم بالعبودية وتمهيدا للتنصل من أن يكونوا هم المخترعين لدين الشرك فإنهم إنما تلقوه عن غيرهم من سلفهم ، والإشارة ب (هؤُلاءِ) إلى بقية المنادين معهم قصدا لأن يتميزوا عمن سواهم من أهل الموقف وذلك بإلهام من الله ليزدادوا رعبا ، وأن يكون لهم مطمع في التخليص. و (الَّذِينَ أَغْوَيْنا) خبر عن اسم الإشارة وهو اعتراف بأنهم أغووهم.
وجملة (أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا) استئناف بياني لجملة (الَّذِينَ أَغْوَيْنا) لأن اعترافهم بأنهم أغووهم يثير سؤال سائل متعجب كيف يعترفون بمثل هذا الجرم فأرادوا بيان الباعث لهم على إغواء إخوانهم وهو أنهم بثوا في عامة أتباعهم الغواية المستقرة في نفوسهم وظنوا أن ذلك الاعتراف يخفف عنهم من العذاب بقرينة قولهم (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ).
وإنما لم يقتصر على جملة (أَغْوَيْناهُمْ) بأن يقال : هؤلاء الذين أغويناهم كما غوينا ، لقصد الاهتمام بذكر هذا الإغواء بتأكيده اللفظي ، وبإجماله في المرة الأولى وتفصيله في المرة الثانية ، فليست إعادة فعل (أَغْوَيْنا) لمجرد التأكيد. قال ابن جني في كتاب «التنبيه» على إعراب الحماسة عند قول الأحوص :
فإذا تزول تزول عن متخمط |
|
تخشى بوادره على الأقران |
إنما جاز أن يقول : فإذا تزول تزول ، لما اتصل بالفعل الثاني من حرف الجر المفاد منه الفائدة ، ومثله قول الله تعالى (هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا) ولو قال :