ولك أن تجعل (يَوْمَ يُنادِيهِمْ) منصوبا بفعل مقدر بعد واو العطف بتقدير : اذكر ، أو بتقدير فعل دل عليه معنى النداء. واستفهام التوبيخ من حصول أمر فضيع ، تقديره : يوم يناديهم يكون ما لا يوصف من الرعب.
وضمير (يُنادِيهِمْ) المرفوع عائد إلى الله تعالى. وضمير الجمع المنصوب عائد إلى المتحدث عنهم في الآيات السابقة ابتداء من قوله (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) [القصص : ٥٧] فالمنادون جميع المشركين كما اقتضاه قوله تعالى (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ).
والاستفهام بكلمة (أَيْنَ) ظاهره استفهام عن المكان الذي يوجد فيه الشركاء ولكنه مستعمل كناية عن انتفاء وجود الشركاء المزعومين يومئذ ، فالاستفهام مستعمل في الانتفاء.
ومفعولا (تَزْعُمُونَ) محذوفان دل عليهما (شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أي تزعمونهم شركائي ، وهذا الحذف اختصار وهو جائز في مفعولي (ظن).
وجردت جملة (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) عن حرف العطف لأنها وقعت في موقع المحاورة فهي جواب عن قوله تعالى (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ).
والذين تصدوا للجواب هم بعض المنادين ب (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) علموا أنهم الأحرياء بالجواب. وهؤلاء هم أئمة أهل الشرك من أهل مكة مثل أبي جهل وأمية بن خلف وسدنة أصنامهم كسادن العزى. ولذلك عبّر عنهم ب (الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) ولم يعبر عنهم ب (قالوا).
ومعنى (حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) يجوز أن يكون (حَقَ) بمعنى تحقق وثبت ويكون القول قولا معهودا وهو ما عهد للمسلمين من قوله تعالى (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي (١) لَأَمْلَأَنَّجَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [السجدة : ١٣] وقوله (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ) [الزمر : ١٩ فالذين حق عليهم القول هم الذين حل الإبان الذي يحق عليهم فيه هذا القول. والمعنى : أن الله ألجأهم إلى الاعتراف بأنهم أضلوا الضالين وأغووهم.
ويجوز أن يكون (حَقَ) بمعنى وجب وتعين ، أي حق عليهم الجواب لأنهم علموا أن قوله تعالى (فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) موجه إليهم فلم يكن لهم بد من
__________________
(١) في المطبوعة : «حقّت كلمة ربك لأملان ...».