[النمل : ١٦]. وأما قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة» فإنما يريد به رسول الله نفسه ، كما حمله عليه عمر في حديثه مع العبّاس وعليّ في «صحيح البخاري» إذ قال عمر : «يريد رسول الله بذلك نفسه» ، فيكون ذلك من خصوصيات محمد صلىاللهعليهوسلم ، فإن كان ذلك حكما سابقا كان مراد زكرياء إرث آثار النبوءة خاصة من الكتب المقدّسة وتقاييده عليها.
والموالي : العصبة وأقرب القرابة ، جمع مولى بمعنى الولي.
ومعنى : (مِنْ وَرائِي) من بعدي ، فإن الوراء يطلق ويراد به ما بعد الشيء ، كما قال النّابغة :
وليس وراء الله للمرء مطلب
أي بعد الله. فمعنى (مِنْ وَرائِي) من بعد حياتي.
و (مِنْ وَرائِي) في موضع الصفة ل (الْمَوالِيَ) أو الحال.
وامرأة زكرياء اسمها اليصابات من نسل هارون أخي موسى فهي من سبط لاوي.
والعاقر : الأنثى التي لا تلد ، فهو وصف خاص بالمرأة ، ولذلك جرد من علامة التأنيث إذ لا لبس. ومصدره : العقر ـ بفتح العين وضمها مع سكون القاف ـ. وأتى بفعل (كان) للدلالة على أن العقر متمكن منها وثابت لها فلذلك حرم من الولد منها.
ومعنى (مِنْ لَدُنْكَ) أنه من عند الله عندية خاصة ، لأنّ المتكلّم يعلم أنّ كلّ شيء من عند الله بتقديره وخلقه الأسباب ومسبباتها تبعا لخلقها ، فلما قال (مِنْ لَدُنْكَ)(١) دلّ على أنه سأل وليا غير جار أمره على المعتاد من إيجاد الأولاد لانعدام الأسباب المعتادة ، فتكون هبته كرامة له.
ويتعلّق (لِي) و (مِنْ لَدُنْكَ) بفعل هب. وإنما قدم (لِي) على (مِنْ لَدُنْكَ) لأنه الأهم في غرض الداعي ، وهو غرض خاص يقدم على الغرض العام.
و (يَرِثُنِي) قرأه الجمهور بالرفع على الصفة ل (وَلِيًّا). وقرأه أبو عمرو ، والكسائي بالجزم على أنه جواب الدعاء في قوله (فَهَبْ لِي) لإرادة التسبب لأن أصل الأجوبة الثمانية أنها على تقدير فاء السببية.
و (آلِ يَعْقُوبَ) يجوز أن يراد بهم خاصة بني إسرائيل كما يقتضيه لفظ (آلِ)
__________________
(١) في المطبوعة (من عندك).