المشعر بالفضيلة والشرف ، فيكون يعقوب هو إسرائيل ؛ كأنه قال : ويرث من آل إسرائيل ، أي حملة الشريعة وأحبار اليهودية كقوله تعالى : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) [النساء : ٥٤] ، وإنما يذكر آل الرجل في مثل هذا السياق إذا كانوا على سننه ، ومن هذا القبيل قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) [آل عمران : ٦٨] وقوله : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) [الإسراء : ٣] ، مع أن الناس كلهم ذرية من حملوا معه.
ويجوز أن يراد يعقوب آخر غير إسرائيل. وهو يعقوب بن ماثان ، قاله : معقل والكلبي ، وهو عمّ مريم أخو عمران أبيها ، وقيل : هو أخو زكرياء ، أي ليس له أولاد فيكون ابن زكرياء وارثا ليعقوب لأنه ابن أخيه ، فيعقوب على هذه هو من جملة الموالي الذين خافهم زكرياء من ورائه.
[٧ ـ ٨] (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨))
مقول قول محذوف دلّ عليه السياق عقب الدعاء إيجازا ، أي قلنا يا زكرياء إلخ ...
والتبشير : الوعد بالعطاء. وفي الحديث : «أنّه قال للأنصار فأبشروا وأمّلوا» ، وفي حديث وفد بني تميم : «اقبلوا البشرى ، فقالوا بشرتنا فأعطنا».
ومعنى (اسْمُهُ يَحْيى) سمّه يحيى ، فالكلام خبر مستعمل في الأمر.
والسّميّ فسروه بالموافق في الاسم ، أي لم نجعل له من يوافقه في هذا الاسم من قبل وجوده. فعليه يكون هذا الإخبار سرا من الله أودعه زكرياء فلا يظن أنه قد يسمّي أحد ابنه يحيى فيما بين هذه البشارة وبين ازدياد الولد. وهذه منّة من الله وإكرام لزكرياء إذ جعل اسم ابنه مبتكرا ، وللأسماء المبتكرة مزيّة قوّة تعريف المسمى لقلّة الاشتراك ، إذ لا يكون مثله كثيرا مدّة وجوده ، وله مزية اقتداء الناس به من بعد حين يسمون أبناءهم ذلك الاسم تيمّنا واستجادة.
وعندي : أن السّميّ هنا هو الموافق في الاسم الوصفي بإطلاق الاسم على الوصف ، فإن الاسم أصله في الاشتقاق (وسم) ، والسمة : أصلها وسمة ، كما في قوله تعالى : (لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى) [النجم : ٢٧] ، أي يصفونهم أنهم إناث ، ومنه قوله