أثقل صلاة على المنافقين». فلذلك لما أمر الله رسوله بالصبر على العبادة كلها وفيها أصناف جمّة تحتاج إلى ثبات العزيمة ، نزل القائم بالعبادة منزلة المغالب لنفسه ، فعدي الفعل باللّام كما يقال : اثبت لعداتك.
وجملة (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) واقعة موقع التعليل للأمر بعبادته والاصطبار عليها.
والسّميّ هنا الأحسن أن يكون بمعنى المسامي ، أي المماثل في شئونه كلها. فعن ابن عباس أنه فسّره بالنظير ، مأخوذا من المساماة فهو فعيل بمعنى فاعل ، لكنه أخذ من المزيد كقول عمرو بن معد يكرب :
أمن ريحانة الداعي السميع
أي المسمع. وكما سمي تعالى الحكيم ، أي المحكم للأمور ، فالسميّ هنا بمعنى المماثل في الصفات بحيث تكون المماثلة في الصفات كالمساماة.
والاستفهام إنكاري ، أي لا مسامي لله تعالى ، أي ليس من يساميه ، أي يضاهيه ، موجودا.
وقيل السّميّ : المماثل في الاسم. كقوله في ذكر يحيى (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) [مريم : ٧]. والمعنى : لا تعلم له مماثلا في اسمه الله ، فإن المشركين لم يسموا شيئا من أصنامهم الله باللّام وإنّما يقولون للواحد منها إله ، فانتفاء تسمية غيره من الموجودات المعظمة باسمه كناية عن اعتراف الناس بأن لا مماثل له في صفة الخالقية ، لأنّ المشركين لم يجترئوا على أن يدعوا لآلهتهم الخالقية. قال تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [لقمان : ٢٥]. وبذلك يتمّ كون الجملة تعليلا للأمر بإفراده بالعبادة على هذا الوجه أيضا.
وكنّي بانتفاء العلم بسميّه عن انتفاء وجود سميّ له ، لأنّ العلم يستلزم وجود المعلوم ، وإذا انتفى مماثله انتفى من يستحق العبادة غيره.
[٦٦ ـ ٦٧] (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧))
لما تضمن قوله (فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ) [مريم : ٦٥] إبطال عقيدة الإشراك به ناسب الانتقال إلى إبطال أثر من آثار الشرك. وهو نفي المشركين وقوع البعث بعد الموت حتى