ولم يتعقبوه.
وهذا مما أهمله ابن مالك في «لامية الأفعال» ، ولم يستدركه شارحها بحرق اليمني في «الشرح الكبير». ووقع في «المصباح» ما يخالفه ولا يعوّل عليه. وظاهر «القاموس» أن حلّ بمعنى نزل يستعمل قاصرا ومتعديا ، ولم أقف لهم على شاهد في ذلك.
وهوى : سقط من علوّ ، وقد استعير هنا للهلاك الذي لا نهوض بعده ، كما قالوا : هوت أمّه ، دعاء عليه ، وكما يقال : ويل أمّه ، ومنه : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) [القارعة : ٩] ، فأريد هويّ مخصوص ، وهو الهوي من جبل أو سطح بقرينة التهديد.
وجملة (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ) إلى آخرها استطراد بعد التحذير من الطغيان في النعمة بالإرشاد إلى ما يتدارك به الطغيان إن وقع بالتوبة والعمل الصالح. ومعنى (تابَ) : ندم على كفره وآمن وعمل صالحا.
وقوله (ثُمَّ اهْتَدى) (ثم) فيه للتراخي في الرتبة ؛ استعيرت للدلالة على التباين بين الشيئين في المنزلة كما كانت للتباين بين الوقتين في الحدوث. ومعنى (اهْتَدى) : استمرّ على الهدى وثبت عليه ، فهو كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الأحقاف : ١٣].
والآيات تشير إلى ما جاء في الإصحاح من سفر الخروج «الرب إله رحيم ورءوف ، بطيء الغضب وكثير الإحسان غافر الإثم والخطيئة ولكنّه لن يبرئ إبراء».
[٨٣ ـ ٨٥] (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى (٨٣) قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى (٨٤) قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥))
عطف على جملة (أَسْرِ بِعِبادِي) [طه : ٧٧] الواقعة تفسيرا لفعل (أَوْحَيْنا إِلى مُوسى) [طه : ٧٧] ، فقوله (وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ) هو مما أوحى الله به إلى موسى. والتقدير : وأن : ما أعجلك إلخ. وهو إشارة إلى ما وقع لهم أيام مناجاة موسى في الطور في الشهر الثالث لخروجهم من مصر. وهذا الجزء من القصة لم يذكر في سورة الأعراف.
والإعجال : جعل الشيء عاجلا.
والاستفهام مستعمل في اللّوم. والذي يؤخذ من كلام المفسرين وتشير إليه الآية : أنّ موسى تعجّل مفارقة قومه ليحضر إلى المناجاة قبل الإبّان الذي عيّنه الله له ، اجتهادا منه