صغيرا أو كبيرا على الحال من الضمير المنصوب بتكتبوه ، أو على حذف كان مع اسمها. وتقديم الصغير على الكبير هنا ، مع أنّ مقتضى الظاهر العكس ، كتقديم السنة على النوم في قوله تعالى : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) [البقرة : ٢٥٥] لأنّه قصد هنا إلى التنصيص على العموم لدفع ما يطرأ من التوهّمات في قلة الاعتناء بالصغير ، وهو أكثر ، أو اعتقاد عدم وجوب كتابة الكبير ، لو اقتصر في اللفظ على الصغير.
وجملة (إِلى أَجَلِهِ) حال من الضمير المنصوب بتكتبوه ، أي مغيّا الدّين إلى أجله الذي تعاقدا عليه ، والمراد التغيية في الكتابة.
(ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا).
تصريح بالعلة لتشريع الأمر بالكتابة : بأنّ الكتابة فيها زيادة التوثّق ، وهو أقسط أي أشدّ قسطا ، أي عدلا ، لأنّه أحفظ للحق ، وأقوم للشهادة ، أي أعون على إقامتها ، وأقرب إلى نفي الريبة والشك ، فهذه ثلاث علل ، ويستخرج منها أنّ المقصد الشرعي أن تكون الشهادة في الحقوق بيّنة ، واضحة ، بعيدة عن الاحتمالات ، والتوهّمات. واسم الإشارة عائد إلى جميع ما تقدم باعتبار أنّه مذكور ، فلذلك أشير إليه باسم إشارة الواحد.
وفي الآية حجّة لجواز تعليل الحكم الشرعي بعلل متعدّدة وهذا لا ينبغي الاختلاف فيه.
واشتقاق (أَقْسَطُ) من أقسط بمعنى عدل ، وهو رباعي ، وليس من قسط لأنّه بمعنى جار ، وكذا اشتقاق (أَقْوَمُ) من أقام الشهادة إذا أظهرها جار على قول سيبويه بجواز صوغ التفضيل والتعجّب من الرباعي المهموز ، سواء كانت الهمزة للتعدية نحو أعطى أم لغير التعدية نحو أفرط. وجوّز صاحب «الكشّاف» أن يكون أقسط مشتقا من قاسط بمعنى ذي قسط أي صيغة نسب وهو مشكل ، إذ ليس لهذه الزنة فعل. واستشكل أيضا بأنّ صوغه من الجامد أشدّ من صوغه من الرباعي. والجواب عندي أنّ النسب هنا لما كان إلى المصدر شابه المشتق : إذ المصدر أصل الاشتقاق ، وأن يكون أقوم مشتقا من قام الذي هو محوّل إلى وزن فعل ـ بضم العين ـ الدال على السجيّة ، الذي يجيء منه قويم صفة مشبّهة.
(إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها).
استثناء من عموم الأحوال أو الأكوان في قوله : (صَغِيراً أَوْ كَبِيراً). وهو استثناء؛