الخدري في ملإ من الأنصار.
والعدد هو اثنان في المعاملات المالية كما هنا.
وقوله : (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ) أي لم يكن الشاهدان رجلين ، أي بحيث لم يحضر المعاملة رجلان بل حضر رجل واحد ، فرجل وامرأتان يشهدان. فقوله : (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) جواب الشرط ، وهو جزء جملة حذف خبرها لأنّ المقدر أنسب بالخبرية ـ ودليل المحذوف قوله : (وَاسْتَشْهِدُوا) ـ وقد فهم المحذوف فكيفما قدّرته ساغ لك.
وجيء في الآية بكان الناقصة مع التمكّن من أن يقال فإن لم يكن رجلان لئلّا يتوهم منه أنّ شهادة المرأتين لا تقبل إلّا عند تعذّر الرجلين كما توهّمه قوم ، وهو خلاف قول الجمهور لأنّ مقصود الشارع التوسعة على المتعاملين. وفيه مرمى آخر وهو تعويدهم بإدخال المرأة في شئون الحياة إذ كانت في الجاهلية لا تشترك في هذه الشئون ، فجعل الله المرأتين مقام الرجل الواحد وعلّل ذلك بقوله : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) ، وهذه حيطة أخرى من تحريف الشهادة وهي خشية الاشتباه والنسيان لأنّ المرأة أضعف من الرجل بأصل الجبلّة بحسب الغالب ، والضلال هنا بمعنى النسيان.
وقوله : (أَنْ تَضِلَ) قرأه الجمهور بفتح همزة أن على أنّه محذوف منه لام التعليل كما هو الغالب في الكلام العربي مع أن ، والتعليل في هذا الكلام ينصرف إلى ما يحتاج فيه إلى أن يعلّل لقصد إقناع المكلّفين ، إذ لا نجد في هذه الجملة حكما قد لا تطمئنّ إليه النفوس إلّا جعل عوض الرجل الواحد بامرأتين اثنتين فصرح بتعليله. واللام المقدرة قبل أن متعلقة بالخبر المحذوف في جملة جواب الشرط إذ التقدير فرجل وامرأتان يشهدان أو فليشهد رجل وامرأتان ، وقرءوه بنصب (فَتُذَكِّرَ) عطفا على (أَنْ تَضِلَ) ، وقرأه حمزة بكسر الهمزة على اعتبار إن شرطية وتضلّ فعل الشرط ، وبرفع تذكر على أنّه خبر مبتدأ محذوف بعد الفاء لأنّ الفاء تؤذن بأنّ ما بعدها غير مجزوم والتقدير فهي تذكّرها الأخرى على نحو قوله تعالى : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) [المائدة : ٩٥].
ولما كان «أن تضلّ» في معنى لضلال إحداهما صارت العلّة في الظاهر هي الضلال ، وليس كذلك بل العلّة هي ما يترتّب على الضلال من إضاعة المشهود به ، فتفرّع عليه قوله: (فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) لأنّ فتذكّر معطوف على تضلّ بفاء التعقيب فهو من تكملته ، والعبرة بآخر الكلام كما قدمناه في قوله تعالى : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ) [البقرة : ٢٦٦] ، ونظيره كما في «الكشاف» أن تقول : أعددت الخشبة أن