التحاما كليا بالعمل النافع في الحياة الدنيا ، قال رسول الله (ص) : خير الناس عند الله أنفع الناس للناس ، وليس من شك ان أنفع الناس هو الذي يعمل من أجل حياة أفضل ، ومجتمع أرقى.
وكل شيء في هذا العصر يدل بوضوح على انه لا حياة فاضلة للإنسان إلا بالعلم .. من غير فرق بين حياته المادية والاجتماعية والثقافية ، فكما ان المجتمع ، أي مجتمع ، لا يمكنه أن يحيا حياة طيبة بلا مطابع ولا مصانع تنتج الملابس ووسائل النقل والأدوات المنزلية وغيرها من الضرورات ، كذلك لا يمكنه أن يعيش حرا كريما بلا علم السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها من العلوم التي لها أثرها الفعال في القضاء على استغلال الإنسان للإنسان.
هذا هو العلم الصحيح ، وهو المقصود من كلمة العلم في قوله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) ، وقول الرسول الأعظم : «من سلك طريقا الى العلم سلك به طريقا الى الجنة». ومن فسر العلم بحفظ المتون والحواشي فهو من الذين يؤمنون بأن العلم ألفاظ وكلمات ، والدين تكبير وتسبيحات.
(وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً). والعهد الذي عهده الله لآدم هو ان لا يقرب من الشجرة المعهودة ، ولا يستجيب لدعوة إبليس ووسوسته ، والمراد بنسي خالف ، وبالعزم الثبات (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى). تقدم في الآية ٣٤ من سورة البقرة ج ١ ص ٨٢ والآية ١٠ من سورة الاعراف و ٣٠ من سورة الحجر و ٦١ من سورة الإسراء و ٥١ من سورة الكهف.
(فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) أي لا تكدح في حر الشمس ، وخص الضحى بالذكر حيث يكون الحر فيه على أشده .. حذر سبحانه آدم من وسوسة إبليس ، وقال له : انت بين أمرين : إما ان تطيعني وتعصي إبليس ، فجزاؤك عندي هذه الجنة ، وهي ـ كما رأيت ـ هناء وصفاء .. لا جوع فيها ، ولا ظمأ ، ولا عري ، ولا مرض .. لا آلام وأحزان ، لا موت ودماء ودموع ، ولا كدح في حر ولا برد .. لا شيء إلا الأمن والأمان