ونهى عنه فهو عهد بحب الوفاء به ، ومنه عقود البيع والاجارة ونحوها. أنظر تفسير الآية ١ من سورة المائدة ج ٣ ص ٦.
٨ ـ (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً). أي مآلا من آل يؤول ، وإيفاء الكيل والوزن واجب شرعا وعرفا ، ولا يختص بدين دون دين ، ولا بعرف دون عرف. وقد حث سبحانه على إيفاء الكيل والميزان بأساليب شتى منها (وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) أي العدل ، ومنها (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ) ، ومنها (وَلا تَنْقُصُوا) ، ومنها (لا تَطْغَوْا). والسر أن الحياة الاجتماعية لا تنتظم الا بذلك.
٩ ـ (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً). تقول العرب : قفوته إذا اتبعت أثره ، وقافية كل شيء آخره ، ومن أسماء النبي (ص) المقفي لأنه آخر الأنبياء وخاتمهم .. والقول بلا علم قبيح ، حىّ عند من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ، وذكر سبحانه السمع والبصر والفؤاد ، وأراد صاحب هذه الأدوات الثلاث ، وانه تعالى يسأله عنها ، ويعاقبه إذا أسند اليها ما لا تعلم ، كما لو قال : سمعت دون أن يسمع ، ورأيت وهو لم ير ، واعتقدت وعزمت ، وهو لم يعتقد ولم يعزم ، أو عزم على الباطل .. ولا فرق بين من يتعمد الكذب ، ومن يسرع الى القول من غير تثبت وروية ، فإن القول بالظن والشبهة قول بغير علم ، قال تعالى : (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) ـ ٣٦ يونس. وقال : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) ـ ١١٧ الأنعام. والخراص الافتراء ، وقد ساوى الله بينه وبين الظن .. ويتفرع عن هذه الآية المسائل التالية :
أـ بطلان التقليد وتحريمه على الكفؤ القادر على استنباط الأحكام من مصادرها حيث ترك علمه ، وعمل بعلم غيره. وعلى هذا الرأي الشيعة الإمامية والزيدية والمعتزلة وابن حزم والشيخ محمد عبده والشيخ شلتوت وغيرهم ، وتكلمنا عن التقليد مفصلا عند تفسير الآية ١٧٠ من سورة البقرة ج ١ ص ٢٥٩.