أي على تمهل آية آية ، ليسهل فهمه وحفظه .. وهذه الآية دليل واضح على خطأ من قال: نزل القرآن على محمد جملة واحدة ، وبلغه هو على دفعات ، وقد رد سبحانه على من قال هذا بقوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) ـ ٣٢ الفرقان أي لنقوي قلبك على ادراك معاني القرآن واسراره .. هذا بالاضافة الى كثير من الآيات التي حكت قصة الحوادث المتجددة أو بينت أحكامها كقصة بدر وأحد والأحزاب وحنين ، وقصة نصارى نجران ، ويهود المدينة ، وكحادثة ازواج النبي ، والمرأة التي جادلته في زوجها الى غير ذلك.
وقال الشيخ المفيد : نزل القرآن على الأسباب الحادثة حالا بعد حال ، ويدل على ذلك ظاهر القرآن ، والتواتر من الأخبار ، واجماع العلماء.
(وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً). في كتب اللغة تنزل أي نزل على مهل ، وعليه تكون هذه الجملة تفسيرا وبيانا لما قبلها.
(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً). الضمير في (به) للقرآن ، والخطاب في آمنوا او لا تؤمنوا للمشركين الذين قالوا لمحمد (ص) : لن نؤمن لك حتى تفجر الخ .. اقرأ الآية ٩٠ وما بعدها من هذه السورة ، والضمير في قبله للقرآن ، ويخرون للأذقان أي يسجدون على وجوههم ، وذكر السجود مرتين لأن الأول كان تعظيما لله ، والثاني لتأثير القرآن في نفوسهم ، أما الذين أوتوا العلم من قبل القرآن فالمراد بهم المنصفون من اهل الكتاب الذين آمنوا بمحمد (ص) ، واصحاب الفطرة الصافية من غيرهم كالحنفاء الذين نشير الى بعضهم في الفقرة التالية :
الحنفاء جمع الحنيف ، وهو الذي ترك الباطل ، واتبع الحق ، والحنيفية