طُولاً). قد يزهو الجاهل ويتعاظم إذا ملك شيئا من حطام هذه الحياة ، كالجاه والمال ، ولكن ان عرض له عارض من المخبئات والمفاجئات وهن وحار لا يدري ما ذا يصنع .. والعاقل من عرف قدره ، وتفكر واعتبر ، ولم يحد عن قصد السبيل .. وقوله تعالى : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) نهي عن التكبر ، وأمر بالتواضع ، وقوله : (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً) كناية عن عجز الإنسان ، وانه أضعف من أن يبلغ ما يريد بالجاه والمال ، كما انه أضعف من أن يبلغ الجبال بجسمه ، ويخرق الأرض بقدمه.
(كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً). ذلك اشارة الى ما تقدم ذكره مما أمر الله به ، ونهى عنه ، والمراد بسيئه ما نهى عنه خاصة ، والمعنى ان كل هذه الأشياء التي نهى عنها مكروهة عند الله ، وفاعلها ممقوت يستحق العذاب والعقاب (ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ). أيضا ذلك اشارة الى ما تقدم ذكره من الأوامر والنواهي ، والحكمة وضع الشيء في محله ، وليس من شك ان جميع أحكامه تعالى في محلها ، وان من أخذ بها فقد أخذ بالحق والخير والعدل (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً). تقدم تفسيره في الآية ٢٢ من هذه السورة .. وقد ابتدأ سبحانه بالنهي عن الشرك ، وختم به لأن التوحيد هو البداية والغاية للإسلام دين الله الحق ، ولأن جميع الأحكام تناط به وحده ، فلا حلال الا ما حلل ، ولا حرام الا ما حرم.
(أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً (٤٠) وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤١) قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (٤٢) سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً (٤٣) تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ