الْأَوَّلِينَ) كيف وفي القرآن تصديق من سبق من الأنبياء ، وخبر ما حدث لهم مع أقوامهم .. هذا ، الى ان مشركي العرب يعرفون ابراهيم وهودا وصالحا وشعيبا ، وهؤلاء الأنبياء الثلاثة من العرب ، اذن ، فأي بدع في نبوة محمد؟.
(أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ). أم يعتذر مشركو قريش بأنهم لا يعرفون محمدا ، وهو منهم وفيهم ، وكانوا يلقبونه بالصادق الأمين (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) وهم يعلمون انه أعقل الناس وأكملهم ، ومن هنا وصفوه بالصدق والأمانة .. اذن ، هناك سر ، يتلخص بما يلي :
(بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ). جاء محمد (ص) بالحق ، وكفى به ذنبا عند المبطلين .. وما هو هذا الحق الذي جاء به محمد؟ هل هو النطق بالشهادتين وكفى ، ولو كان هذا هو هدفه الأول والأخير لهان على من حاربه وقاومه من الرؤساء والمترفين أن يقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله .. ولكن محمدا (ص) لم يكتف بهذا وحده ، بل أراد أيضا أن يقيم الحياة الاجتماعية على أساس العدل والمساواة ، لا ظالم فيها ولا مظلوم ، وان يعيش كل انسان كجزء من كل ، وفرد من جماعة ، له ما لها وعليه ما عليها ، لا يخشى أحدا إلا الله وحده ، ولا فضل لمخلوق عليه إلا بالتقوى والعمل الصالح .. ومن هنا ظهرت شراسة الطغاة وضراوتهم ضد رسول العدل والرحمة ، وحاربوه بكل سلاح ، ولكن النبي (ص) كان على يقين من أمره وان العاقبة لمبدئه ورسالته ، ومن أجل هذا كان ينظر الى خصومه كما ينظر الى غمامة صيف أو ظل زائل.
(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ). المراد بالحق هنا الله ، وأهواؤهم الباطل والضلال والفوضى والفساد .. ونظام الكون بأرضه وسمائه يقوم على الحق والعدل ، اذن ، فساد الكون لا مفر منه لو اتبع الحق أهواءهم .. وما من شك لو ان الله سبحانه يستجيب الى ما يبتغون ويهوون لمنعوا الشمس عن المستضعفين ، واحتكروا الكون بما فيه لأنفسهم وأولادهم وأصهارهم.