المعنى :
(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى). تقدم نظيره في الآية ١١٣ وما بعدها من سورة الاعراف ج ٣ ص ٣٧٨.
(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى). قال أكثر المفسرين أو الكثير منهم : ان موسى خاف على نفسه كما هو مقتضى الطبيعة البشرية .. والصحيح انه ما خاف على نفسه ، كيف وهو يعلم ان السحرة مفترون ، وان الله قال له ولأخيه : اني معكما ، وانما خاف موسى ان يلتبس الأمر على الناس ، وينخدعوا بأباطيل السحرة (قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى). لا تخف ان يلتبس الحق على الناس .. كلا ، فسيتضح للعيون والعقول انك المحق وهم المبطلون ، وسيعترف السحرة أنفسهم بأنك الصادق الأمين ، وانهم أصحاب تزوير ، ومكر ، وخداع ، وان فرعون هو الذي أكرههم على الكذب والافتراء.
(وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى) انا أو موسى. وتقدم مثله في الآية ١١٧ وما بعدها من سورة الأعراف ج ٣ ص ٣٧٨. انظر تلخيص قصة موسى مع فرعون واسم أم موسى في ج ٣ ص ٣٧٢.
(قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا). أراد فرعون من السحرة ان يتركوا الله ، ويتبعوه بعد ان اتضح لهم غيه وضلاله ، فقالوا له : على أي شيء نختارك ونؤثرك ، أرغبة في دنياك التي أنت تاركها وظاعن عنها ، أم رهبة من عذابك ، وعذاب الله أشد وأعظم؟ (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) احكم وافعل ما شئت يا فرعون فلا نبالي ببطشك وتنكيلك ما دمنا على يقين من ربنا (إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا) حلوة كانت أو مرة ، وما نحن من أبنائها وانما نحن من أبناء الآخرة ، وهي باقية ببقاء الله تعالى ، ولا سلطان لك فيها حتى على نفسك.