وإن أريد به كونه من جملة مقدّماته وإن لم يكن سببا وعلّة.
ففيه : أيضا منع الكبرى ، بل الصغرى أيضا.
وإن أريد عليّة فعل الضّدّ لترك المأمور به أو كونهما معا معلولين لعلّة ثالثة ، فهو وإن كان يستلزم ذلك لاستبعاد حرمة المعلول من دون العلّة كوجود المسبّب من دون السّبب (١) ، ولأنّ انتفاء التحريم في أحد المعلولين يستدعي انتفائه في العلّة فيختصّ المعلول الآخر الذي هو المحرّم بالتحريم من دون علّته ، ولكنّهما ممنوعان فيما نحن فيه ، إذا العلّة في ترك المأمور به إنّما هو الصّارف وهو عدم الإرادة فهو المانع أبدا ، سيّما بملاحظة أنّه مقدّم على فعل الضّدّ طبعا ، إلّا أن يجبر على فعل الضّدّ وكان الصارف منتفيا وهو خارج عن محلّ النزاع لسقوط التكليف حينئذ. فليس فعل الضدّ علّة ولا هو مع ترك المأمور به معلولا لعلّة ثالثة ، إذ ما يتصوّر كونه علّة لهما هو الصّارف عن المأمور به وهو ليس علّة لفعل الضدّ ، بل قد يكون من مقدّماته.
أقول : الظاهر أنّ مراد المجيب من العلّة هو السّبب ، والتحقيق أنّ ما ذكره ايضا لا يستلزم التحريم لو ثبت فكيف ولم يثبت. فإنك قد عرفت أن وجوب المسبّب لا يدلّ على وجوب السّبب ومثله الكلام في علّة الحرام ، بل الظّاهر أنّه كذلك لو أراد من العلّة ، العلّة التامّة أيضا. وكذلك إذا كانا معلولين لعلّة واحدة ، إذ انتفاء التحريم في معلول إنّما يقتضي عدم تحريم علّته من حيث إنها علّته ، فلا يلزم عدم تحريمها مطلقا فيكون حراما بالنسبة الى المعلول الآخر.
__________________
(١) إنّ هذا وما قبله من الترديد الثاني مبني على مختار المجيب من تخصيص الوجوب والحرمة بالمقدمات السببيّة دون غيرها.