الخروج عن المحبس : اخرج الى المكتب ؛ خارج عن موضع النّزاع ، فإنّ الأمر ليس بعين ما نهي عنه ، بل المحظور خروجه من المجلس من حيث هو خروج عن المجلس. والمأمور به هو خروجه ذاهبا الى المكتب ، ولا يضرّ هذا بدلالة الأمر على الوجوب.
وأمّا قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(١). فهو لرفع الحظر لا غير ، والوجوب إنّما هو لثبوته قبل الحظر وعدم حصول النسخ ، فيرجع الى الحكم السّابق ، وهذا ليس من دلالة (اقتلوا) على الوجوب في شيء.
وكذلك ترخيص الحائض والنفساء ووجوب الحلق بعد النّهي عنه أيضا ثابت بدليل خارجي ، لأنّه أيضا من النّسك.
ولعلّك بالتأمّل فيما ذكرنا تقدر على استخراج أدلّة القائلين بالتّابعيّة لما قبله والتوقّف (٢) ، والجواب عنها.
وأمّا القائل بالندب ، فلعلّه نظر الى أنّ الندب أقرب المجازات للوجوب ، فإذا انتفى الدلالة عليه ببعض ما ذكر ، فيحمل عليه ، وأنت بعد ملاحظة ما ذكرنا تقدر على إبطال ذلك أيضا.
وأمّا توهّم اختصاص كونها حقيقة في الإباحة (٣) في عرف الشّارع ، فهو ضعيف لعدم الفرق بينه وبين العرف العامّ.
__________________
(١) التوبة : ٥.
(٢) وفي «الذريعة» ص ٧٣ هو حكم الأمر المبتدأ ، فإن كان مبتدؤه على الوجوب أو الندب أو الوقف بين الحالين فهو كذلك بعد الحظر. وفي «المعارج» ص ٦٥ صيغة الأمر بعد الحظر كحالها قبله.
(٣) حكاه ابن الحاجب «المنتهى» : ص ٩٨ ، والبيضاوي «منهاج الوصول» : ص ٧٦.