والأقرب (١) الأوّل للتبادر عرفا ، ويثبت في اللغة والشّرع بضميمة أصالة عدم النّقل.
لا يقال : أنّا لا نفهم (٢) من الصيغة غير طلب الفعل ، ولا يخطر ببالنا التّرك فضلا عن المنع منه ، فإنّ معنى الوجوب وغيره ، أمر بسيط إجمالي ، وهو الطّلب الحتميّ الخاص (٣) ، ولكنّه ينحلّ عند العقل بأجزاء ، كسائر الماهيّات المركّبة ، كالإنسان والفرس وغيرهما.
فهذا الطّلب البسيط الإجمالي الخاصّ إذا تحلّل عند العقل ، ينحلّ الى طلب الفعل مع المنع من التّرك ، فانظر الى العرف ، ترى أنّ السيّد إذا قال لعبده : افعل كذا ، فلم يفعل ، عدّ عاصيا وذمّه العقلاء للترك (٤) ، وإن لم يكن هناك قرينة تدلّ على الوجوب.
وما يتوهّم من منافاة ذلك (٥) لاستعمال الشّارع إيّاها متعلّقا بأمور كثيرة ،
__________________
(١) الى الاعتبار او الى القواعد او الى الذهن.
(٢) وهذا الاشكال هو صريح عبارة «الوافية» : ص ٦٨ ، ذكره في مقام الاحتجاج على مختاره من وضع اللّفظ بإزاء القدر المشترك.
(٣) القيد إمّا توضيحي أو احترازي ، بأن يكون غرضه من الوجوب هو الشرعي ، أعني ما يستحقّ فاعله الثواب وتاركه العقاب ، فيكون القيد مخرجا للوجوب اللّغوي ، أعني عدم الرّضا بالترك أو بالعكس.
(٤) وقد ذكر في «الذريعة» : ص ٥٥ إلى أنّ من ذهب إلى وجوب الأمر بطريق اعتباريّة وطرق سمعية وهي على ضربين قرآنية وأخباريّة ، فأما الطريق الاعتبارية فأوّلها قولهم : السيّد إذا أمر غلامه ... الخ كالمثال المذكور في المتن. وهذا المثال قد ذكر مثله في «المعارج» : ص ٦٤ و «الوافية» : ص ٧٠ ، و «المعالم» : ص ١١٩.
(٥) وهذا من جملة أدلّة «الوافية» على الوضع للطلب راجعه هناك ص ٦٩ ، وقد أخذه المصنف معرضا لتوهم منافاته لدليل المختار ، ثم دفعه.