بعد أيمان حلف بها ، واعادة الرئيس الى الوزارة والرئاسة ، بحيث لا يكون له في ذلك معترض ولا مشارك.
وورد الخبر بظهور الأفرنج الى الأعمال للعيث فيها والإفساد ، وشرعوا في التأهب لدفع شرهم.
وورد الخبر من ناحية مصر بوفاة صاحبها الإمام الحافظ بأمر الله أمير المؤمنين عبد المجيد بن الأمير أبي القاسم بن المستنصر بالله ، في الخامس (١٦٧ و) من جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين ، وولي الأمر من بعده ولده الأصغر أبو منصور اسماعيل بن عبد المجيد الحافظ ، ولقب بالظافر بالله ، وولي الوزارة أمير الجيوش أبو الفتح بن مصال المغربي ، فأحسن السيرة ، وأجمل السياسة ، واستقامت بتدبيره الأعمال ، وصلحت الأحوال ، ثم حدث من بعد ذلك من اضطراب الأمور ، والخلف المكروه بين السودان والريحانية ، بحيث قتل بين الفريقين الخلق الكثير ، وسكنت الفتنة بعد ذلك ، وانتشر الأمن بعد الخوف ، وقد كان الحافظ رحمهالله ولي الأمر أولا في المحرم سنة ست وعشرين وخمسمائة ، بحيث كانت مدة إقامته فيه ثماني عشرة سنة وخمسة أشهر وخمسة وعشرين يوما ، وكان أول زمانه حسن الأفعال والسيرة ، وبث الاحسان في العسكرية والرعية (١).
وقد كان الخبر اتصل بنور الدين بإفساد الأفرنج في الأعمال الحورانية بالنهب والسبي ، فعزم على التأهب لقصدهم ، وكتب الى من في دمشق يعلمهم ما عزم عليه من الجهاد ، ويستدعي منهم المعونة على ذلك بألف فارس ، تصل اليه مع مقدم يعول عليه ، وقد كانوا عاهدوا الأفرنج أن يكونوا يدا واحدة على من يقصدهم من عساكر المسلمين ، فاحتج عليه ، وغولط ، فلما عرف ذلك رحل ونزل بمرج يبوس وبعض العسكرية (٢) بيعفور ، فلما قرب من
__________________
(١) انظر اتعاظ الحنفا : ٣ / ١٨٩ ـ ١٩٢ حيث المزيد من التفاصيل.
(٢) خارج دمشق تعرفان بهذين الاسمين.