وفيها وردت الأخبار من مصر بقلة الأقوات وغلاء الأسعار ، واشتداد الأمر في ذلك إلى أوان زيادة النيل ، فظهر من القوت ووجوده ما طابت به النفوس وصلحت معه الأحوال.
سنة تسع وأربعين وأربعمائة
في هذه السنة وردت الأخبار بتسلم الأمير مكين الدولة قلعة حلب من معزّ الدولة (١) ، وحصل فيها في يوم الخميس لثلاث بقين من ذي القعدة منها ، وأقام بها مدة أربع سنين يخطب فيها للمستنصر بالله صاحب مصر.
وفيها توفي القاضي أبو الحسين عبد الوهاب بن أحمد بن هرون.
سنة خمسين وأربعمائة
فيها وصل الأمير ناصر الدولة ، وسيفها ذو المجدين أبو محمد الحسن بن الحسين بن حمدان إلى دمشق واليا عليها ، دفعة ثانية بعد أولى في يوم الإثنين النصف من رجب منها ، وأقام يسوس أحوالها ويستخرج أموالها ، إلى أن ورد عليه الأمر من الحضرة بمصر بالمسير في العسكر إلى حلب فتوجّه إليها في العسكر في السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة واتفقت الوقعة المشهورة المعروفة بوقعة الفنيدق بظاهر حلب في يوم الاثنين مستهل شعبان من السنة بين ناصر الدولة المذكور وعسكره ، وبين جميع العرب الكلابين ومن انضم إليهم ، فكسرت العرب عسكر (٢) ناصر الدولة واستولوا عليهم ونكوا فيهم ، وأفلت ناصر الدولة منهزما مجروحا مفلولا وعاد إلى مصر.
__________________
(١) مكين الدولة هو الحسن بن علي بن ملهم ، أحد الأمراء الكبار أيام المستنصر. ومعز الدولة هو ثمال بن صالح بن مرداس أمير حلب ، وجاء تنازل ثمال عن حلب أثناء ثورة البساسيري : انظر كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٩٨ ـ ١٢٢ ، ٣٧٤ ـ ٣٧٥.
(٢) انظر كتابي امارة حلب (بالانكليزية) : ١٥٩ ـ ١٦١.