واحترز كلّ من كان في ضيعة أو معقل من أن يتم على أحد من المجتازين به أمر يؤخذ به ، ويهلك بسببه (١).
سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة
في هذه السنة نزل السلطان تاج الدولة على حمص ، في عسكره ومعه الأمير قسيم الدولة صاحب حلب في عسكره ، والأمير بوزان صاحب أنطاكية وفيها خلف بن ملاعب فضايقوها وصابروها الى أن ملكوها بالأمان ، وخرج ابن ملاعب منها ، وسلمها ووفوا له بما قرروه معه ، وأطلقوا سراحه فتوجه إلى مصر ، فأقام بها مدة ، وعاد الى الشام ، وأعمل الحيلة والتدبير على حصن أفامية الى أن ملكه ، وحصل بيده (٢).
__________________
(١) ذكر ابن العديم بأن آق سنقر : «كان قد شرط على أهل كل قرية في بلاده متى أخذ عند أحدهم قفل ، أو أحد من الناس ، غرم أهلها جميع ما يؤخذ من الأموال من قليل وكثير ، فكانت السيارة إذا بلغوا قرية من بلاده ألقوا رحالهم وناموا ، وقام أهل القرية يحرسونهم إلى أن يرحلوا ، فأمنت الطرق .. ـ ونادى أق سنقر ـ في بلد حلب لا يرفع أحد متاعه ولا يحفظه في طريق لما حصل من الأمن في بلاده .... فخرج يوما يتصيد ، فمر على قرية من قرى حلب ، فوجد بعض الفلاحين قد فرغ من عمل الفدان ، وطرح عن البقر النير ، ورفعه على دابة ليحمله إلى القرية ، فقال له : ألم تسمع مناداة قسيم الدولة بأن لا يرفع أحد متاعا ولا شيئا من موضعه؟! فقال له : حفظ الله قسيم الدولة قد أمنا في أيامه ، وما نرفع هذه الآلة خوفا عليها أن تسرق ، ولكن هنا دابة يقال لها ابن آوى تأتي إلى النير فتأكل الجلد الذي عليه ، فنحن نحفظه منها ، ونرفعه لذلك ، فعاد قسيم الدولة من الصيد ، وأمر الصيادين فتتبعوا بنات آوى في بلد حلب ، فصادوها حتى أفنوها من بلد حلب». مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢١٠.
(٢) كذا في الأصل ، والذي حصل أن السلاجقة اقتحموا مدينة حمص واعتقلوا ابن ملاعب ، وسيروه «في قفص حديد إلى السلطان ملكشاه ، فأطلق حمص لأخيه تتش ، وحبس ابن ملاعب ، وبقي في حبسه إلى أن أطلقته خاتون امرأة السلطان ملكشاه» بعد وفاته ، فمضى آنذاك إلى مصر. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢١٧ ، ٣٨٠.