يتلاومون ، وتفرق شملهم في البلاد وعلم إسماعيل أن البلاء محيط به إن أقام ببانياس ، ولم يكن له صبر على الثبات ، فأنفذ الى الأفرنج يبذل لهم تسليم بانياس إليهم ، ليأمن بهم ، فسلمها إليهم ، وحصل هو وجماعته في أيديهم ، فتسللوا من بانياس إلى الأعمال الأفرنجية على غاية من الذلة ، ونهاية من القلة ، وعرض لإسماعيل علة الذرب ، فهلك بها ، وقبر في بانياس في أوائل سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، فخلت منهم تلك الناحية ، وتطهرت من رجسهم.
وفي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة ورد الخبر من بغداد بوفاة الوزير جلال الدين أبي علي الحسن بن علي بن صدقة ، وزير الخليفة رحمهالله ، في جمادى الآخرة منها ، وكان حسن السيرة ، محمود الطريقة ، كاتبا فاضلا ، بليغا محبوبا من الخاصة والعامة ، سديد الرأي ، حميد التدبير ، صادق العزم ، صافي الحس ، كريم النفس ، فكثر الأسف عليه ، والتوجع لفقده ، واستوزر بعده نقيب النقباء شرف الدين أبو القاسم علي بن طراد الزينبي ، في جمادى الأولى منها ، وهو من جلالة القدر ، وشرف الأصل ، ونباهة الذكر ، والمنزلة المشهورة ، والرتبة المعروفة ، والمكان المشتهر.
وفي جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة ، توفيت الخاتون ، شرف النساء ، والدة تاج الملوك رضياللهعنها (١٢٣ و) وقبرت في قبتها المبنية برسمها ، خارج باب الفراديس.
سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة
قد مضى ذكر نوبة الباطنية وغيرهم ، لما اقتضى سوق الكلام فيه في سنة اثنتين وثلاث ، ولما انتهى إلى الأفرنج خبر الكائنة في الباطنية ، وانتقال بانياس عنهم ، إليهم ، أحدث ذلك لهم طمعا في دمشق وأعمالها ، وأكثروا الحديث في قصدها ، وبثوا رسلهم إلى الأعمال في جمع الرجال والاحتشاد ،