وفي العشر الأخير من رجب ورد الخبر من حوران ، بأن الأمير منكوبرس إلتقى في المعروف بالنويسه (١) الحاجي ورجاله من عسكر دمشق ، فهزمه وجرحه جرحا تمكن منه ، وحمل الى البلد ، فمات في الطريق ، ووصل وقبر في مقابر الفراديس في يوم الاثنين السادس من شعبان من السنة.
وفي يوم الأربعاء الرابع عشر من شهر رمضان أرسلت السماء عزاليها بثلج لم ير في السنين الخالية مثله ، وتمادت به الأيام ، بحيث عم كثيرا من أقطار الأرض : حوران والبقاع والبرية ، وقيل إن أقصاه من بلاد الشمال الى قلعة جعبر ، وجرت أودية حوران ، ودارت أرحيتها ، وامتلأت بركها ، وفاضت آبارها ، واستبشر الناس بهذه النعمة العامة ، وشكروا موليها ، والمنعم بها ، وزادت أنهار بردى والعيون عقيب ذلك زيادة وافرة ، وسرت النفوس وتتابع بعد ذلك غيث كانون الثاني ، روى الزراعات ، ومنابت العشب.
وفي يوم السبت الثالث من ذي الحجة من السنة ، توفي القاضي المكين أبو البركات محفوظ بن القاضي أبي محمد الحسن بن صصرى رحمهالله ، بعلة طالت به ، وهو في أواخر الثمانين ، وكان مشهورا بالخير ، والعفاف وسلامة الطبع.
وورد الخبر من ناحية مصر بالخلف المستمر بين وزيرها العادل بن سلار ، وأجنادها بحيث الدماء بينهم مسفوحة ، وأبواب الشر والعناد مفتوحة (٢).
ودخلت سنة ست وأربعين وخمسمائة
وأولها يوم الجمعة مستهل المحرم ، وفي يوم الأربعاء العاشر من المحرم من هذه السنة المباركة نزل أوائل عسكر نور الدين على أرض عذراء من عمل
__________________
(١) كذا بالأصل ، ولم أجد الخبر في مصدر آخر فاضبطه.
(٢) لمزيد من التفاصيل انظر اتعاظ الحنفا : ٣ / ١٩٥ ـ ٢٠٠.