سنة أربع وسبعين وأربعمائة (١)
فيها ملك الأمير أبو الحسن علي بن المقلد بن منقذ حصن شيزر ، في يوم السبت السابع والعشرين من رجب من الأسقف (٢) الذي كان فيه بمال بذله له وأرغبه فيه إلى أن حصل في يده ، وشرع في عمارته وتحصينه والممانعة عنه ، إلى أن تمكنت حاله فيه وقويت نفسه في حمايته والمراماة دونه (٣).
__________________
(١) ليس في الأصل أخبار سنة ثلاث وسبعين ، ولا أدري أمرد ذلك إلى المؤلف أم الناسخ؟
(٢) من أسقف البارة الذي كان يدين بالطاعة للامبراطورية البيزنطية. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ١٨٦.
(٣) أورد سبط ابن الجوزي خبر سقوط شيزر في أخبار سنة / ٤٧٤ ه / ، وأثبت عن غرس النعمة محمد بن هلال الصابىء فقرات مطولة من كتاب بعث به الأمير علي بن المقلد ـ كما يبدو إلى بغداد ـ تحدث به عن استيلائه على شيزر ، «قال محمد بن الصابىء : وقفت على كتاب بخطه [أي الأمير علي بن المقلد] منه : كتابي هذا من حصن شيزر ، وقد رزقني الله تعالى من الاستيلاء على هذا المعقل العظيم ما لم يتأت لمخلوق ، ومن دون هذا الحصن بيض الانوق ، ومن وقف على حقيقة الحال علم اني هاروت هذه الأمة ، وسليمان الجن المردة ، وأنني أفرق بين المرء وزوجته ، وأستنزل القمر من محله ، وأجمع بين الذئب والغنم.
إني نظرت إلى هذا الحصن ، ورأيت أمرا يذهل الألباب ، ويطيش العقول يسع ألف رجل ، ليس عليه حصار ، ولا فيه حيلة لمحتال ، فعمدت إلى تل منه قريب يعرف بتل الحسن ، فعمرته حصنا ، وجعلت فيه عشيرتي وأهلي ، وكان بين التل وشيزر حصن يعرف بالخراص ، فوثبت عليه وأخذته بالسيف.
وحين ملكته أحسنت إلى أهله ولم أكلفهم إلى ما يعجزون عنه ، وخلطت خنازيرهم بغنمي ، ونواقيسهم بأصوات المؤذنين عندي ، وصرنا مثل الأهل مختلطين ، فحين رأى أهل شيزر فعلي مع الروم أنسوا بي ، وصاروا يجيئوني من واحد وإثنين إلى أن حصل عندي نحو نصفهم ، فأجريت عليهم الجرايات ، ومزجتهم بأهلي وحريمهم بحريمي وأولادهم مع أولادي ، وأي من قصد حصنهم أعنتهم عليه ، وحصرهم شرف الدولة مسلم بن قريش ، فأخذ منهم عشرين رجلا فقتلهم ، فدسست إليهم عشرين عوضهم ، ولما انصرف عنهم جاءوا وقالوا : نسلم إليك الحصن ، فقلت : لا ما أريد لهذا الموضع خيرا منكم ، وجرت بينهم وبين واليهم نبوة ، فنفروا منه ، وجاءوا إليّ ، وقالوا : لا بد من تسليم