سنة تسع وستين وثلاثمائة
فيها خرج العسكر المصري مع القائد سلمان بن جعفر بن فلاح في أربعة آلاف من المغاربة ، ووصل إلى دمشق فصادف قسّاما قد غلب عليها ، فنزل في بستان الوزير (١٩ ظ) بزقاق الرمان (١) ، وعسكر حوله في دور هناك ، فثقل أمره على قسّام ، وطال مقامه في غير شيء ، وقلّت نفقته ورام أن يظهر صرامة فيتمكن من البلد ، فقال لقسّام : لا يحملن أحد سلاحا ، فأبوا ذلك فبعث إلى الغوطة من يتولاها ويمنع من خفارة تؤخذ منها وحمل السلاح فيها ، فأعلم قسّام ذلك ، فقال : لا يحفل بهذا الأمر بل كونوا على ما كنتم عليه ، وثار قسام ومن معه الى الجامع ، وصاروا إلى البستان الذي فيه سلمان فأخرجوهم ، وخرج سلمان وأصحابه الى الدكة ، ونزل على نهر يزيد ، وقسام جالس في الجامع ولم يشهد الحرب مع أصحابه ، وقد أحضر المشايخ ، وكتب بما جرى إلى مصر ، وعمل محضرا على نفسه أنه «متى جاء للملك عضد الدولة عسكر أغلق الأبواب وقاتله ليكون لك معونة على ما يريده» ، فلما وقف عليه العزيز وافق غرضه ، وأنفذ رسله وكتابه إلى سلمان بن فلاح يأمره بالرحيل عن دمشق ، فرحل عنها وكان مقامه بها شهورا من سنة تسع وستين وثلاثمائة ورجع القائد أبو محمود إلى دمشق ، ولما تمّ للفضل ما دبره على أبي تغلب ووافق الاغراض عزموا على إعمال الحيلة على ابن جرّاح لأن أمره كبر وشرّه ظهر ، (٢) وتوجه الى قسّام ليعمل أيضا عليه ، وأظهر أنه يريد المسير الى
__________________
(١) قرب العقيبة. الأعلاق الخطيرة ـ قسم دمشق : ١٤١.
(٢) شكل نشاط أمراء طيء من آل الجراح في فلسطين خطرا كبيرا على الخلافة الفاطمية ، وقد نلحظ مشاعر الادارة الفاطمية تجاه هذا الخطر في وصية يعقوب ابن كلس للخليفة العزيز عندما زاره وهو على فراش الموت حيث قال له فيما قال : «سالم الروم ما سالموك ، واقنع من الحمدانية بالدعوة والسكة ، ولا تبق على مفرج بن دغفل متى اعترضت لك فيه فرصة» أنظر الاشارة الى من نال الوزارة : ٢٣.