سنة احدى وسبعين وثلاثمائة
فيها وقع الاهتمام بتجهيز العساكر المصرية إلى ابن جرّاح ، وقد اشتهر أمره بإرتكاب العيث والفساد وإخراب البلاد ، فلما سار العسكر من مصر ، القائد بلتكين التركي (١) وكان فيها أعجام ومغاربة ومن كل الطوائف ، فنزل الرملة ، وأجفل ابن جرّاح ، وكان قد قوي أمره وصار معه جند يرمون بالنشّاب ، وخلق عظيم ، وسار معه بشارة (٢) والي طبرية واجتمع إليه من العرب من قيس وغيرها جمع كثير ونشبت الحرب بين الفريقين ، وكان بلتكين المقدم قد خرج على ابن جراح من ورائه بعد اشتداد الحرب ، فانهزمو وأخذهم بالسيف وأسر ابن جرّاح وأفلت ونهب عسكره ، وقصد أرض حمص في البرية ، وقصد أنطاكية واستجار بصاحبها فأجاره وأمنه ، وصادف خروج بارديس من قسطنطينة في عسكر عظيم يريد أرض الإسلام فخاف ابن جرّاح ، وكاتب بكجور خوفا على نفسه (٣) ، وكان القائد بلتكين (٢٠ ظ) المقدم قد نزل على دمشق في ذي الحجة سنة [اثنتين](٤) وسبعين وثلاثمائة ، وكان على
__________________
(١) هو من رجالات ألفتكين ، وورد اسمه في تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي : ١٦٣ «تلتكين» ولعل صورته هنا ولدى يحيى بن سعيد تصحيف «ألبتكين» ومفيد أن نشير هنا أن المقريزي يؤرخ لقدومه سنة ٤٧٢. انظر اتعاظ الحنفا : ١ / ٢٥٦.
(٢) بشارة الخادم من غلمان الحمدانية فر من حلب إلى مصر مع عدد من الغلمان فانتدب لولاية طبرية. انظر اتعاظ الحنفا : ١ / ٢٥٥. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٣٠٦ ـ ٣٠٨.
(٣) ذكر يحيى بن سعيد : ١٦٣ ـ ١٦٤ ، أن ابن دغفل التجأ إلى أنطاكية وكتب إلى الامبراطور باسيل الثاني ملتمسا منه النجدة ؛ وبين الأنطاكي أن الامبراطور بعث الدمشق بردس الفوقاس.
(٤) في الأصل : «سبعين وثلاثمائة» وهو خطأ صوابه ما أثبتناه وتداركناه بين حاصرتين. انظر اتعاظ الحنفا : ١ / ٢٥٦ ، ولاحظ سياق الخبر.