ولاية أمير الجيوش الدزبري الختلي
لدمشق في سنة تسع عشرة وأربعمائة وشرح حاله
وابتداء أمره والسبب في توليته ، وذكر شيء من أخباره إلى إنتهاء مدته ، بحكم تميزه عن الولاة المذكورين : بالشجاعة والشهامة ، وحسن السياسة ، وإجمال السيرة والنصفة في العسكرية والرعية ، وحماية الأعمال بهيبته المشهورة وبفطنته المشكورة ، وتشتيت شمل أولي الفساد من الأعراب ، واستقامة الأمور بإيالته على قضية الإيثار والمراد.
هو الأمير المظفر ، أمير الجيوش ، عدة الإمام ، سيف الخلافة ، عضد الدولة ، شرف المعالي أبو منصور أنوشتكين ، مولده ما وراء النهر في بلد الترك ، في البلد المعروف بختل ، وسبي منه ، وحمل إلى كاشغر ، وهرب إلى بخارى وملك بها وحمل إلى بغداد ، ثم إلى دمشق ، وكان شتيم (١) الوجه ، بيّن التركية ، وكان وصوله سنة أربعمائة فاشتراه القائد تزبر» (٢) بن أونيم الديلمي ، وكان ندبه لحماية أملاكه وصونها من الأذى ، فكفاه ذلك بشهامته ، وصرامته فاشتهر بذاك أمره ، وشاع ذكره ، وسئل مولاه أن يهديه للإمام الحاكم بأمر الله ، وقيل بل وصله الأمر بحمله ، فحمل في جملة غلمان في سنة ثلاث وأربعمائة (٤٦ ظ) فاستطرف من بينهم ، وجعل في الحجرة ، فقهر من بها من الغلمان ، وطال عليهم باليقظة والذكاء ، وجعل يلقب كل غلام بما يليق به ، فشكوه إلى المتولي فضربه ، وتزايد أمره ، فأخرج منها في سنة خمس وأربعمائة ولزم الخدمة ، وجعل يتقرب إلى الخاص والعام بكل ما يجد السبيل
__________________
(١) أي كريه الوجه مثل الأسد ـ لسان العرب ، فلعله كان من أصل مغولي.
(٢) كذا بالأصل والأشهر والمعتمد «دزبر».