ودخلت سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
أولها يوم الأحد ، والشمس في برج الحمل ، والطالع الجدي ، وفي سادس وعشرين من المحرم منها ورد الخبر من ناحية مصر بأن العادل المعروف بابن سلار ، الذي كانت رتبته قد علت ، ومنزلته في الوزارة قد تمكنت ، ونفذ أمره في البسط والقبض ، وحكمه في الابرام والنقض ، وأنه كان قد جلس للانفاق في رجال الأسطول ، ليجهزه في البحر الى ناحية عسقلان بالميرة ، لتقوية من بها على النازلين عليها من الأفرنج ، والمضايقين لها ، وهم في الجمع الكثير والجم الغفير ، بالمال والرجال والغلال ، وإشراف أهلها على الخطر ، وأنه نهض من المجلس على العادة للراحة من النصب ، والهجعة عقيب التعب ، وكان لزوجته ولد يعرف بالأمير عباس ، وقد قدمه واعتمد عليه في الأعمال ، ولعباس هذا ولد قدمه الوزير وأنعم عليه ، وأذن له في الدخول بغير اذن إليه ، فدخل عليه وهو نائم في فرشته على (١٧٣ ظ) العادة ، فأخذ سيفه وضربه به فقطع رأسه وخرج به بين أثوابه ، ولم يشعر أحد ، وأتى به الى باب القصر في يوم الأحد الثاني عشر من المحرم ، وقال لخدم الإمام الظافر بالله : هذا رأس المنافق ، فقيل له : ما كان منافقا ، وكان جماعة من الأتراك قد اصطنعهم الوزير المقتول لنفسه ، فتجمعوا في زهاء ثلاثمائة فارس ، وأنهم طلبوا ليقتلوا ، فحموا نفوسهم بالسهام ، وحصلوا بظاهر القاهرة ، وصادفهم عباس عائدا من بلبيس حين وافاه الخبر ، فوعدهم الجميل ، وإقرارهم على واجباتهم ، فلم يثقوا به ، وتفرقوا على أقبح حال ، ووصلوا الى دمشق في أواخر المحرم ، وقيل إن عباسا المذكور حصل في منصب العادل المذكور ، واستقام له الأمر ، وتمكن في الأعمال ، وقيل إن العادل كان قد قتل [كثيرا] من الحجرية والريحانية وأصناف الأجناد حتى استقام له الأمر ، وتمكن في الأعمال.
وتواصلت الأخبار من ناحية نور الدين سلطان حلب والشام ، بقوة عزمه على جمع العساكر والتركمان من سائر الأعمال والبلدان ، للغزو في أحزاب