وأثارا الفتنة في ليلة الخميس تالي اليوم المذكور ، وقصدوا (١) باب السجن ، وكسروا أغلاقه ، وأطلقوا من فيه ، واستنفروا جماعة من أهل الشاغور وغيرهم ، وقصدوا الباب الشرقي (٢) ، وفعلوا مثل ذلك ، وحصلوا في جمع كثير ، وامتلأت بهم الأزقة والدروب فحين عرف مجير الدين وأصحابه هذه الصورة ، اجتمعوا في القلعة بالسلاح الشاك ، فأخرج ما في خزائنه من السلاح والعدد ، وفرقت على العسكرية ، وعزموا على الزحف الى جمع الأوباش ، والايقاع بهم ، والنكاية فيهم ، فسأل جماعة من المقدمين التمهل في هذا الأمر ، وترك العجلة بحيث تحقن الدماء ، وتسلم البلد من النهب والحريق ، وألحوا عليه الى أن أجاب سؤالهم ، ووقعت المراسلة والتلطف في إصلاح ذات البين ، فاشترط الرئيس وأخوه شروطا أجيبا إلى بعضها ، وأعرض عن بعض ، بحيث يكون ملازما لداره ، ويكون ولده وولد أخيه في الخدمة في الديوان ولا يركب الى القلعة إلا مستدعيا إليها ، وتقررت الحال على ذلك ، وسكنت الدهماء ، ثم حدث بعد هذا التقرير عود الحال الى ما كانت عليه من العناد ، وإثارة الفساد ، وجمع الجمع الكثير من الأجناد والمقدمين والرعاع والفلاحين ، واتفقوا على الزحف الى القلعة وحصر من بها وطلب من عيّن عليه من الأعداء والأعيان ، في أواخر رجب ، ونشبت الحرب بين الفريقين ، وجرح وقتل بينهم نفر يسير ، وعاد كل فريق منهم الى مكانه.
ووافق ذلك هروب السلار زين الدين اسماعيل الشحنة ، وأخيه الى ناحية بعلبك ، ولم تزل الفتنة ثائرة ، والمحاربة متصلة ، إلى أن اقتضت الصورة إبعاد من التمس إبعاده من خواص مجير الدين ، وسكنت الفتنة ، وأطلقت أيدي النهابة في دور السلار زين الدين وأخيه وأصحابهما ، وعمهما النهب والإخراب ، ودعت الصورة الى تطييب نفس الرئيس وأخيه ، والخلع عليهما
__________________
(١) كذا في الأصل ، بالجمع بدلا من التثنية.
(٢) ما تزالان تحملان نفس الاسمين.