سنة إثنتي عشرة وخمسمائة
في هذه السنة شاعت الآثار والأخبار من ناحية الأفرنج ، بطمعهم في المعاقل والبلاد ، واجماعهم على قصدها بالعيث والإفساد ، لغفلة الاسلام عن قصدهم بالغزو والجهاد ، وأنهم قد شرعوا في التأهب لهذه الحال ، والاستعداد وكاتب ظهير الدين أتابك أرباب الجهات والمناصب ، وبعثهم على التعاون على دفع شر الملاعين ، بالتوازر والتواظب.
وورد الخبر بتوجه الأمير نجم الدين إيل غازي الى دمشق ، في عسكره ، للاجتماع مع ظهير الدين أتابك على إعمال الرأي في التدبير والتشاور في العمل والتقرير ، هذا بعد أن راسل طوائف التركمان بالاستدعاء لأداء فريضة الجهاد والتحريض على الباعث لذاك والاحتشاد.
ووصل الأمير المذكور إلى دمشق من حلب ، في بعض أصحابه وخواصه ، واجتمعا وتعاهدا وتعاقدا على بذل المكنة والاجتهاد في مجاهدة الكفرة الأضداد ، وطردهم عن الإفساد في هذه المعاقل والبلاد ، ووقع الاتفاق بينهما على [مصير](١) الأمير (١١٠ و) نجم الدين إيل غازي بن أرتق إلى ماردين لإنجاز أمره ، وجمع التركمان من الأعمال ، وحضهم على النكاية في أحزاب الشرك والضلال ، واقتضت الآراء مصير الأمير ظهير الدين معه لتأكيد الحال ، وتسهيل الآمال ، وسارا في العشر الأول من شهر رمضان سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ، وعاد ظهير الدين عنه بعد أن قررا مع طوائف التركمان إصلاح أحوالهم والتأهب للوصول إلى الشام بجموعهم الموفورة وعزائمهم المنصورة في صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ليقع الاجتماع على نصرة الدين واصطلام المردة الملحدين ، وأقام ظهير الدين بدمشق إلى حين قرب الأجل المضروب ،
__________________
(١) أضيف ما بين الحاصرتين كيما يستقيم السياق.