سنة أربع وثمانين وأربعمائة
في ليلة الثلاثاء التاسع من شعبان من السنة حدث في الشام زلزلة عظيمة هائلة ، لم يسمع بمثلها ووافق هذا اليوم كونه من تشرين الأول ، وخرج الناس من دورهم خوفا من عودها ، وحكي أن دورا كثيرة خربت بأنطاكية ، واضطربت كنيسة السيدة فيها ، وهلك خلق كثير بالردم ، وانهدم بها تقدير سبعين برجا من سورها ، وبقيت على حالها إلى أن أمر السلطان ملك شاه بعمارتها ، ولم ما تشعث منها.
وفيها نزل الأمير قسيم الدولة صاحب حلب على حصن أفامية ، فملكه ، وأبعد خلف بن ملاعب عنها ، ورتب نائبه في حفظها ، في ثالث رجب ، وعاد الى حلب (١).
وفيها وردت الأخبار من المشرق بوفاة الملك أحمد بن السلطان ملك شاه المرتب في مملكة جده في سمرقند ، وخطب له على المنابر حسب ما تقدم ذكره ، فعاجله القضاء الذي لا يدافع ، والمحتوم الذي لا يمانع.
سنة خمس وثمانين وأربعمائة
في هذه السنة اقترن المريخ وزحل في برج السرطان ، وقت الظهر من يوم الإثنين النصف من شهر ربيع الأول وهو السادس والعشرون من نيسان ، وذكر أهل المعرفة من أهل صناعة النجوم أن هذا القران لم يحدث مثله في هذا البرج منذ مبعث النبي صلىاللهعليهوسلم وإلى هذه الغاية.
__________________
(١) كذا وفي الخبر بعض اللبس : فالذي حدث أن أق سنقر التحق بتتش وساعده في حملة طرابلس ، وأثناء الحصار تخاصم معه وانسحب عائدا نحو حلب ، وفي طريقه إلى حلب استولى على أفامية التي كانت من أملاك ابن ملاعب ، وبعد ذلك سلمها لنصر بن علي المنقذي صاحب شيزر. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢١٧ ـ ٢١٨.